حياة صقر الشبيب من أشهر شعراء الكويت

حياة صقر الشبيب من أشهر شعراء الكويت  صقر الشبيب مدرسة صقر الشبيب شعر صقر الشبيب pdf صقر الشبيب بالكويت صقر الشبيب ويكيبيديا صقر الشبيب الكويت
حياة صقر الشبيب من أشهر شعراء الكويت


لـم يكن صقـر الشبيب أبرز شعراء الكويت ولا أشهرهم ولا أشعرهم ، ولكنه كان شـاعرهم « .. بإقـرار العموم » كما وصفه المصلح الكويتي الأشهر الشيخ يوسف بن عيسى القناعي . ولم يكن « شاعرهم » هذا سوى شاعر بدأ ثائراً على أوضاع مجتمعه الساكنة في لجة الظنون ، وانتهى به المطاف وحيداً في عزلته الاختيارية والتي اضطر إلى اختيارها يأساً من حياة تكالبت فيها عليه اتهامات المتعصبين من أبناء مجتمعه وحوائج النفس المرهقة ، وتعب الجسد الهزيل ، وفقدان البصر ، وقلة الحيلة ، على الرغم من قدرته المميزة على إنتاج قصيدته الخاصة بِنَفَس شعري متعال.

نشأة صقر الشبيب

وُلد صقر بن سالم بن شبيب بن مزعل الشمري في مدينة الكويت عام 1896م ، وما لبث أن أصيب بمرض أفقده بصره وهو لم يزل في عمر التاسعة ، ولكن ذلك لم يمنع روحه الطموح من التطلع نحو تميز إبداعي ، كانت له موهبته الفطرية في قول الشعر المتكأ الأول والملاذ الأخير ، فتعلم في ( الكُتاب ) القرآن الكريم والعربية والحساب وغيرها من علوم أساسية ، لم يكـن متوافراً لمن في مثل ظروفه المجتمعيـة غيرها .. فما أن أخذ ما توافر منها في مدينته حتى سافر إلى الأحساء طلباً للمزيد ، حيث بقي هناك عامين تتلمذ فيهما على أيدي علمائها وأخـذ عنهم الكثير مما يرغب في تعلمه من علوم الدين والفقه والنحو ، لكنه عانى مقابـل ذلك الكثير من تعنت بعض المتعصبين من 
شيوخه وأساتذته هناك مما جعله يقرر العودة إلى وطنه ناقماً عليهم وعلى كل متعصب.

عودة صقر الشبيب إلى الكويت

وفي الكويت طلب منه والده الذي كان صياد سـمك رقيق الحال ، أن يعمل في الوعظ الديني ليساهم في ميزانية الأسرة ، لكن طلب والده لم يلق هوى في نفسه الأمارة بالشعر والإبداع ، حيث عكـف على قراءة كل ما يقع تحت يديه من كتب الأدب ومجلات الثقافة العربية التي كانت تصدر فـي تلك الأيام فكانت القافية صديقته الأولى ، وكانت قصيدته مبتدأه ومنتهاه ، وكانت اللغة العربية البئر المليء بالسحر والأسرار والذي وجد نفسه يحاول أخذ ما يستطيع منه ، وكان شاعره الأثير أبو العلاء المعري قدوته في تحدي عاهة فقدان البصر عبر قول الشـعر وقراءة الفلسفة ، فاعتكف في بيته مُسَوَّراً بغضب والده وعطف والدته .. يتقلب بينهما كمن يتقلب بين الجمر والثلج . لكن سـرعان ما ذاب الثلج وخمد الجمر بموت والدتـه أولاً ، حيـث وجد نفسـه وجهـاً لوجه مع الغضب الأبوي الذي تجنبه بالعزلة غالباً ، وما أن رحل الوالد حتى وجد نفسـه مُسَوَّراً بيُتم مضاعف ضاعف من عزلته في مجتمع مازال أسيرا لرث الأفكار والعواطـف. فانزوى في بيته لا يزوره فيه إلا بضعة أصدقاء أوفياء صدها عنه - ما استطاعوا - غضبة المتعصبين والمتزمتين ممن رأوا في دعواته المتكررة للانفتاح خروجاً عن الدين ومروقاً على التقاليد.

ويمكن اعتبار صقر الشبيب أحد أهم الأساسات القوية التي قامت عليها الحركة الشعرية الحديثة في الكويت ، وبانشغاله في تناول الشأن القومي عبر التفاتاته الشعرية المتكرة لقضية الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين تحديداً ، رسم صقر الشبيب لنفسه صورة ثقافية أكثر اتسـاعاً من الصور التي رسـمها كثير من معاصريه من الشعراء لأنفسهم .. على الرغم من قلة الفرص التعليمية ، التي قد تتوافر لكفيف مثله في مجتمع كان بالكاد قد اعترف للتو بالمدارس الحديثة سبيلاً لتلقي العلم . لكن الشـاعر المولع بالقراءة انكب على تثقيف نفسـه مـن خـلال اطلاعاته الشعرية والأدبية والفلسفية الواسعة مما سهل له بعد ذلك في تميز قصيدته بخصائصها الفنية العالية.

مختارات من شعر صقر الشبيب

من شعر صقر الشبيب في المظاهر الخادعة:
رُبَّما تُبصِرُ العُيُونُ هَجِينًا
قَدْ تَرَبَّى بين الجِيادِ العِتاقِ
وَلَكَمْ شَوْكةٍ تُسِيءُ وتُؤذي
بيْنَ خَيْرِ الزُّهورِ والأوْراقِ
مَنْبِتُ الكُلِّ وَاحِدٌ وتَرَى 
الطَّبْعَ عَلَيْها يَقْضي بِكُلِّ افْتراقِ
لُؤْمُ طَبْعِ اللَّئيمِ أخَّرَهُ اليومَ 
كثيرًا عن قَوْمِهِ في السِّباقِ
خَدَعَتْنا مِنْهُ الظَّواهِرُ حتَّى 
نالَ ما نالَهُ بِلا اسْتِحقاقِ
وسَرابُ الفَلَاةِ كَمْ غَرَّ مِنْ 
قَبْلُ عِطاشًا بِالمَنْظَرِ البرَّاقِ
غَرَّ بَعْضَ الرِجالِ بُرْقُعُ إخلاصٍ 
يُغَطِّي مِنْهُ مُحَيَّا نِفاقِ
فَأجَلوا منْهُ ظواهِرَ صِدْقٍ 
كَمَنَتْ تَحْتَها خَوَافي اخْتِلاقِ
عَذُبَتْ مِنْه في المَسامِعِ دَعْواهُ 
جَميلَ الآدابِ والأخلاقِ
ثُمَّ أبْدى اخْتِبارُهُم منه ما كانَ 
خَفيًّا من فاسِدِ الأعْمَاقِ.

قال عن العزلة:
قالوا اعْتَزَلْتَ الناسَ، قلتُ: لأنهم 
جَرُّوا عليَّ المُحْزِناتِ صُنُوفَا
لَولا مُخالَطتي البَرِيَّةَ لم يَكُنْ 
قلبي لِذُؤْبانِ الهُمُومِ خَرُوفَا

ديوان صقر الشبيب 

وعلى الرغم من زهد صقر الشبيب في الشهرة والأضواء ، التي احترق بها غيره من الشعراء المتهافتين عليها ، فإن ذلك لم يمنع شعره من الانتشار والذيوع تناقلاً على ألسنة مُحبيه ومُريديه ، ونشراً في بعض المجلات المحلية كمجلة الكويت والمجلات العربية الأخرى .وقد ظلت تلك القصائد الكثيرة متفرقة بين المجلات وصدور حُفَّاظها وأوراق الشاعر التي تركها وراءه بعد وفاته عام 1963 إلى أن انبرى لها أحد محبيه ومريديه ، وهو الباحث والكاتب الكويتي الراحل أحمد البشر الرومي ، فجمعها في ديوان كتب له مقدمة تضمنت ترجمة وافية للشاعر . وصدر ذلـك الديوان عـام 1968 م ، ثم أعادت طباعتـه عام 2008 مؤسسة جائزة البابطين للإبداع الشعري في طبعة جديدة أعدَّها وأضـاف إليها ، وقدم لها الباحث الكويتي د . يعقوب يوسف الغنيم.
ويُعد تجميع قصائد صقر الشبيب في ديوان شعري باسمه هو أفضل تكريم لهذا الشاعر الكبير بعد وفاته ، كما أعلنت رابطة الأدباء الكويتيين عن اتفاقها مع وزارة المواصلات على إصدار طوابع بريدية تذكارية تخليداً لذكرى رواد الحركة الثقافية وكان هو من ضمن الأسماء المطروحة ، وأطلقت دولة الكويت اسمه على مدرسة ابتدائية للبنين في منطقة القادسية.


author-img
Muhamed Amin

تعليقات

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق
    google-playkhamsatmostaqltradent