قصص رعب طويلة حقيقية | انتقام ميت

الصفحة الرئيسية

قصص رعب

مجموعة من اقوي قصص الرعب الحقيقية والتي حدثت بالفعل يرويها اشخاص مرت بهذه التجربة بشكل مباشر بعضها قصيرة والبعض الاخر طويلة ويجمعا بينها جميعها انها واقعية.
قصص رعب مكتوبة
قصص رعب حقيقية
قصص رعب مكتوبة
قصص رعب بالصور
قصص رعب للاطفال
10 قصص رعب
قصص رعب طويلة
قصص رعب عن الجن
قصص رعب انيميشن

قصص رعب مجموعة من اقوي قصص الرعب الحقيقية والتي حدثت بالفعل يرويها اشخاص مرت بهذه التجربة بشكل مباشر بعضها قصيرة والبعض الاخر طويلة ويجمعا بينها جميعها انها واقعية. قصص رعب مكتوبة قصص رعب حقيقية قصص رعب مكتوبة قصص رعب بالصور قصص رعب للاطفال 10 قصص رعب قصص رعب طويلة قصص رعب عن الجن قصص رعب انيميشن    قصص رعب طويلة حقيقية | انتقام ميت  قصة رعب بعنوان انتقام ميت انا الصحفي محمود عطية, او عشان مبقاش ببالغ قوي, خليني اقول لك اني لسه متعين جديد في جريدة محترمة وكبيرة .. بواسطة طبعا..  وكحال خريج جديد لسه بيشق طريقه في سكة النجاح او ان حد يعرفه اصلا, لازم اجيب خبر يعمل بوم, اتكلم على حاجة جديدة مفيش كتير اتكلم عنها .. وعشان اجيب حكايات من اللي تتحب, حكايات يحبها الناس وتلمسهم وتكون من تراثهم وعاداتهم, قررت اروح للي بيقولوا عليهم المُعمرين في الأرض, ودول سهل تلاقيهم جدا, ومفيش اسهل من انك تتكلم معاهم, هما عايزين اللي يقعد يسمعهم, يسمع حكاياتهم وشكوتهم, وانا في النطقة دي متوصاش الحقيقة, انا مستمع جيد, او بأقوال أخرى (وِدَني)..  رحت دار مُسنين كبيرة, استأذنت من الادارة ودخلت قعدت مع النُزلاء, وبدأت أسمع حكاياتهم.. والحق أقول, كانت أغلبها ملهاش لازمة, اللي يتكلم عن رحلة صعوده من الصفر للقمة, واللي تقول لك (انا جوِّزت بناتي ودلوقتي ولادهم بيتعلموا برا.. إلخ)  واللي يحكي عن بطولاته مع الجيش/الشرطة لما كان عقيد..  كلها حكايات لناس مرتاحة مادية, والحقيقة الناس دي مبلاقيش فيهم أي شيء مُسلي, وساعات بسأل نفسي "هو انا لو بقيت غني, هل هبقى خزان ملل كدة ؟"  طلعت من الدار خايب الرجا, لكن مش يائس, وفكرت اني أطلع على مكان تاني, مكان أكثر شعبية, ويكون برضه مليان عواجيز .. وكان المكان قهوة في حي مصر القديمة, أساس التُراث وأصله..  وزي ما عمل عم نجيب محفوظ, لما نزل قعد على القهوة وعزم الكل على مشاريب وسمع حكاياتهم وراح عملها رواية أخدت نوبل .. دلوقتي جه ده عم محمود عطية انه ياخد ولو مكتب محترم في الجريدة..  نزلت قعدت على اول قهوة لقيتها في وشي .. هنا بقى لو فضلت اوصف عن كم الشباب والعواجيز اللي قاعدين على القهوة يتكلموا ويضحكوا, حقيقي حسسوني ان البلد كلها متجمعة هنا دلوقتي..  اختارت كرسي وقعدت عليه, طلعت التليفون بتاعي وجهزته عشان يسجل, واختارت شخص قاعد لوحده, شكله يده انه في اواخر الستينات, وسألته:  - لو سمحت يبا, ممكن اتكلم معاك شوية ؟  بترحاب شديد لف نفسه وقال لي:  - ياسلام, بس كدة .. أؤمرني, استنى بس أعدل لك نفسي ونتكلم .. ها .. تشرب ايه بس الأول .. واد يارامز, هات له شاي, شايك ايه ؟  ابتسمت وانا برد عليه:  - مظبوط ياحاج.  - واحد وصاية وصاية للأستاذ.  شاور القهوجي على عينيه وقال:  - عنيا لعم سيد واللي منه .. لكن ايه الضحكة الحلوة دي ياعم سيد, افتقدناها من سنين .. ايه, اتجوزت جديد ولا ايه ؟  رد عليه الراجل عم سيد وهو بيضحك بعفوية وجسمه كله بيتهز:  - ربك بيرزق الفرح لمن يشاء من عباده.  لقيت القهوجي رفع ايده وقال له:  - اللهم صل على النبي, ربنا يفتح عليك ياعم الشيخ سيد.  قالها ومشي يجيب طلباتنا..  بادرت بالكلام وقلت له:  - ماله بيقول لك انت حزين من سنين وبتاع, ايه خير ان شاء الله ؟  أخد نفس طويل من الشيشة اللي قدامه وقال:  - هم الدنيا وبلاويها بتخلي الواحد ماشي يجر في بوزه ما قادر يضحك .. بس ربك بيكرم وبيفرجها من عنده.  - ونعم بالله .. والله عندك حق, ياما ظروف الواحد اتحط فيها, واتقفلت من كل ناحية واتسدت في وشه كل الأبواب, وفجأة يجي ربك في يوم وليلة يفك الكرب .. الحمد لله.  مال ناحيتي وقال:  - كل الناس اللي قاعدين دول صحابي ومعارفي, انا متربي هنا, ده انت لو تعرف حكاياتهم وتقعد تسمع وتشوف اللي عاشوه, واوقات الشدة والموت وغيره, هتحمد ربنا على نعمته عليك, دول في قصصهم عبرة, دول يخلوا الملحد يؤمن, ومش بعيد يؤمن بوجود أكتر من إله.  قالها وضحك بعفوية تاني وجسمه بيتهز .. ضحكت بدوري وانا بقول له:  - طب تصدق بقى اني هسمع حكاياتهم, دنا نازل النهارده مخصوص عشان اسمع .. عارف نجيب محفوظ ؟  رد وهو بيشوح بالَّلي بتاع الشيشة:  - عمنا نجيب محفوظ, ومين ميعرفوش, ده جارنا وحبيبنا قبل ما يكون كاتب كبير .. الله يرحمه.  - الله يرحمه .. انا بقى حبيت انزل اعمل زيه, اجرب كدة واشوف حظي, اعرف حكايات الناس, مش يمكن ربك يكرم وأكسب نوبل زيه.  - نوبل حتة واحدة ؟  - وحياة عيالي لو حصل وكسبتها ليكون ليك الحلاوة, انت وكل الموجودين.  ظبط الفحم وهو بيقول:  - انت متجوز ؟  - الحقيقة لا.  ضربني بهدوء في كتفي بالَّلي وقال:  - امال ايه وحياة عيالي ومش عيالي.  ضحكت وانا بقول له:  - منا عقبال ما أكسبها هكون خلفت بقى.  جه رامز واحنا بنضحك وحط الشاي قدامنا على الترابيزة, وقال لي:  - دا انت في ايدك البركة يا صاحبي انك خليته يضحك, دا انت لو شوفته من يومين بس, كان يخليك تقوم تقطع شرايينك وتقف تتفرج عليها.  لقيت عم سيد ضحك وصوت ضحكته بقى أعلى لدرجة انه لفت نظر الناس له, وقال لرامز:  - الله يحِظك ياض يا رامز, طول عمرك ابن نكتة يابن الكلب .. الله يرحم ابوك, كان دمه خفيف برضه .. طب تعرف يا أستاذ, الا انت اسمك ايه ؟  رديت عليه:  - محمود.  - تعرف ياض محمود, ابوه ده كان صاحبي, كنت انا وهو على طول مع بعض .. (اتنهد وكمل كلامه) يلا الله يرحمه ويرحم شهداء الوطن كلهم، مات في حرب اكتوبر.  قلنا انا ورامز في نَفَس واحد:  - الله يرحمهم.  وأضاف رامز للكلام:  - لا طالما عم سيد قال لك بدء قبل اسمك وقال (ياض) يبقى انت كدة دخلت قلبه .. أسيبك بقى معاه.  ومشي وسابنا .. اتكلم عم سيد بسرعة:  - خلينا في موضوعنا .. انت بتكتب كتاب زي عم نجيب ؟  - يعني, حاجة زي كدة.  حط لَيّ الشيشة بعد ما خلص وقال:  - لا ده انت كدة جيت لمصنع الحكايات .. تحب ألم لك القهوة هنا تنقي اللي يعجبك, ولا أحكي لك حكايتي ؟  - لا لا لا, طالما عم سيد هيحكي حكايته يبقى الكل يركن .. قول يا أسطورة.  - بس على شرط.  - عيوني.  - اوعاك تقول اسمي الحقيقي.  مكنتش مستغرب من طلبه, فابتسمت وانا بهز دماغي بالإيجاب .. فقال لي:  - حلو .. قوم معايا بقى.  - على فين ؟  - هقول لك في السكة.  جالي احساس ان طالما بدئت كدة, يبقى الحكاية تستاهل .. وافقت فورا, وقمنا حاسبت له على حاجته وعلى الشاي اللي مدقتوش, الا عشان خاطر الحلفان هي شفطة .. ومشينا من على القهوة لطريق بيته..  مشينا في كام شارع واحنا عمالين نتكلم, حكى لي على كذا حاجة صغيرة, زي خناق, خطف, أفراح انتهت نهايات مأسوية .. لدرجة انه حكى لي عن شقة ساكن فيها شوية شباب مع بعض:  - كل يوم والتاني الناس تسمع صوت آهات جاية من عندهم, شكوا انهم بيجيبوا نسوان, اتصلوا بالبوليس وجه كسر عليهم الشقة, واتفاجئنا كلنا انهم شوية عيال شواذ مع بعض. تخيل ؟ .. من قِلة الستات يـ..  قاطعته بسرعة:  - هوب هوب ايه ياعم سيد, الكلام ده يحبسنا, مينفعش يتنشر خالص.  ضحك وكملنا الطريق لحد البيت, وكل ما يشوف حد يشاور لي عليه ويقول لي ده حكايته كذا..  لحد ما وصلنا العمارة عنده, وكانت كحال كل العماير في المنطقة دي, قديمة وعفى عليها الزمن .. طلعنا للدور التالت, وقفنا لحد ما فتح الباب ودخل, استنيت برا لثواني لحد ما ينبه أهل بيته, لقيته طالع لي وبيقول:  - ادخل تعال مفيش حد جوا.  البيت من جوا كان حرفيا مزبلة, وأكبر دليل على لفظ (مزبلة) هي ريحته البشعة والكراكيب اللي في كل مكان..  قاطع السكوت لما قال:  - شقة عازب بقى.  اختارت كرسي وقعدت عليه .. بادر هو بالكلام:  - طبعا شربنا على القهوة وكله تمام, ندخل بقى في الجد .. صل على النبي.  - عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام.  طلعت التليفون من جيبي وفتحت المُسجل .. بدء كلامه بتنهيدة وقال:  - شوف .. انا مكنتش حابب أتكلم .. وحلفت اني مش هفتح بوقي غير لما أعمل اللي في دماغي, ولما حصل, جه الوقت اني اشارك فرحتي مع غيري .. انا هحكي لك حكايتي, الحكاية اللي هتغطي على كل اللي قلته لك في السكة لحد هنا, الحكاية دي بيني وبين ربنا, ويعتبر انت الاول اللي هتعرفها, ركز معايا, ركز في تفاصيلها, سجل كل حرف بقوله وارجع البيت اكتبه, اكيد مش هحكي لك الحكاية كلها دلوقتي, هديك فرصة انك ترجع البيت تكتب اللي سمعته, وتيجي لي تاني يوم نكمل. بس انا طالب طلب صغير, متقولش على اسمي الحقيقي, متقولش على المنطقة اللي عايش فيها, مش عايز اي حد يعرف حاجة, او يكتشف اي وجه تشابه .. ماشي ؟  هزيت راسي بالإيجاب .. فقال:  - بسم الله وعلى بركة الله..  اسمحوا لي اكتب بشخصية عم سيد, واكون بدل من ناقل خبر, اكون راوي حدث ..   يتبع..  قصص رعب مكتوبة انتقام ميت الجزء الثاني هزيت راسي بالإيجاب .. فقال:  - بسم الله وعلى بركة الله..  اسمحوا لي اكتب بشخصية عم سيد, واكون بدل من ناقل خبر, اكون راوي حدث ..  لما كنت شاب صغير, اتعرفت على بنت حلوة, اول مرة شوفتها مكانش في جامعة او كافيه زي بتوع الايام دي, اول مرة شوفتها كانت في الغيط..  كنت طالع مع ابويا ساعة العصرية تغدي البهايم, كانت هي قاعدة تِحِش برسيم .. اول ما عيني ده في عينيها, حسيت بحاجة كدة, حاجة زي ما تقول نغصة في قلبي, بس نغصة حلوة .. بيسموا ده الحب من اول نظرة..  هي كمان, لما بصت لي, معرفتش تودي وشها الناحية التانية وفضلت باصة لي ..  طبعا كأي شاب من شباب الصعيد في وقتها كلمت ابويا اني عايز اخطب بنت فلاني .. فوافق على طول .. زمان في الأرياف, كانوا يحبوا يجوزوا عيالهم صغيرين, عشان اسباب كتير, منها انه ميكونش عُرضة للخطيئة, او يكون متحمل مسؤولية ميطلعش شاب طايش .. إلخ  وفعلا قد كان, في ظرف كام شهر, كنت انا وهي في بيت واحد .. وعدت السنين ولحد ما كملنا مع بعض خمس سنين .. حياتنا كانت سعيدة, المشاكل يادوبك على قد التعود على طبع بعض او اختلاف في رأي ما, لكن غير كدة كنا مبسوطين جدا مع بعض .. إلا... حاجة واحدة بس .. الخِلفة .. ربنا مأردش لينا بالخلفة..  وبعادات وتقاليد ناس زمان, مرحناش لدكتور, ليه ؟  لان ببساطة شديدة, مراتي متتكشفش على رجالة.  فاعتمدنا على الطب الشعبي .. أعشاب ووصفات كتير .. وضعيات أثناء ممارسة الجنس .. تغير جوا وتعديل مزاج .. لحد ما كان آخر الطريق حاجة واحدة ملهاش تاني .. الناس البركة ..!  رغم ابويا اللي كان رافض, وامي اللي زعلت مني, وبصات الناس ليا في الشارع, الا انا رحنا .. كان اسمه الشيخ عوض..  كنت رايح هناك وانا عارف اني بستعيذ بغير الله وده في حد ذاته شرك, لكني كنت بسكت ضميري وبقول "دي أسباب ربنا مسببها"..  الشيخ (عوض الجَمَّال) كان راجل بركة زي ما اهل البلد بيقولوا عليه, له كرامات وواصل .. بيته مبيفضاش من الناس اللي على طول طالبة من كرماته..  قعدنا وسطهم لحد ما جه الدور علينا ودخلنا .. حكينا له عن اللي فيها باختصار وآراء الناس اللي عملناها ومجابتش نتيجة .. ولما خلصنا, قال بمنتهى السهولة:  - العيب فيكي, محدش عامل لك عمل عشان متفكريش, العيب ربناني, وان شالله نعدله.  قلت في سري "حاشا لله, ربنا مبيعملش حاجة غلط او معيوبة"  وطلب مننا تلات طلبات نعملهم على تلات أيام متتالية .. الأول  تعدي من فوق مبخرة سبع مرات, او حاجة بتطلع دخان, بس يكون الفحم او الكالوح اللي النار قايدة منه, يكون مرشوش عليه من تراب مقابر !..  والطلب التاني ترمي شوية تراب على الارض وتنزل تلحسه, وهيكون من نفس التراب بتاع المقابر..  والطلب الأخير هو السلام, معاهدة السلام .. هتنزلي تنامي يوم كامل في القبر.. !  الطلب الأخير خلانا احنا الاتنين بصينا لبعض بخوف, وعلامات التردد بقت جَلية وشوشنا .. فكرت كتير اني امشي, بس في حاجة بتمعنعي, كأن في حد بيشدني في الكرسي..  أضاف على كلامه:  - بس خدي بالك, حاجة غلط تعمليها منهم, او تفوتي يوم, هتعيدي من الأول.  رمى كلمته وسكت وبص لنا بتحدي ..  فقلت له:  - وليه ده كله, وقبور ايه اللي هننزلها ؟  قاطعني:  - هتنزلها لوحدها, محدش هينزل معاها .. ولو مش عاجبك كلامي, خلاص امشي, بس اعرف ان مرتك مش هتشوف خِلفة ابدا لو معملتش اللي بقول لها عليه.  بصيت لها, كانت خايفة, وصوتها وهي بتبلع ريقها كان مسموع, وانفاسها مُتسارعة .. مسكت في دراعي وقالت:  - انا موافقة يا سيد وجاهزة أعمل ده.  همست وانا بقول:  - لا, انتي مش جاهزة ولا عايزة ده, وانا مش هغصبك على حاجة.  - متخافش عليا .. سيبها على الله.  بصيت لعوض, لقيته بيبتسم, حسيته شمتان فينا .. اتكلم وقال لي:  - بعد تنفيذ كل طلب, تعاشرها.  أخدت مراتي ومشيت روحت البيت..  لما وصلنا قلت لها بعصبية:  - وعشان ايه ده كله, العيال ؟ .. محروق ابو الخلفة على اللي عايزينها.  - انا نفسي فيها, نفسي في عيل, عيل يشيل اسمك ويخليني رافعة راسي قدام الناس, مش بدل ما كل اللي يشوفني يقعد يلقح بالكلام .. انا عايزة العيل ده يا سيد.  حاولت اتكلم, لكنها مدتنيش فرصة, قالت:  - انا مش عايزة اكون خارجة عن طوعك, كل اللي انا عايزاه هو الخلفة, ومش هقول لك عايزاها عشان اشوفك فرحان, عشان عارفاك هتقول لي "لو ده اللي هيفرحني, مش عايزه" .. انا عايزة أخلف عشان نفسي في ده .. فاهمني ياسيد ؟  ملقتش حاجة اقولها لها .. بصيت للأرض بنفاذ حيلة.  *********************  او طلب .. جبنا جزع شجرة قديم وولعنا فيه, وقبلها كنت في المقابر, جبت شوية تراب من تربة مفتوحة ورشيتهم على الخشب من غير ما يطفي..  وبدئت مراتي تخطي من فوقه .. مرة والتانية والتالتة لحد ما قفلت سبعة .. بعدها قعدنا مع بعض .. قضينا ليلة مع بعض..  وتاني يوم جه وقت الطلب التاني .. رحت المقابر لتاني مرة وجبت منها شوية تراب جُداد, وخليتها ترميهم على الأرض..  بصت للارض بقلة حيلة, نظرة المغلوب على امره .. وقعدت على ركبتها وايديها .. ونزلت تلحس التراب !..  بقيت واقف ابص لها مش عارف اعمل ايه .. سامعها بتعيط وبتكُح كل شوية, وانا واقف محلي سِر..  ياترى اللي بعمله ده صح ؟  ياترى ربنا راضي عن ده ؟  طب .. طب هل بعد ده كله, هنخلف فعلا ؟  خلصت لحس في الأرض وقامت .. حسيتها تعبانة, والحزن باين اكتر في عينيها .. فقلت لها:  - لو تعبانة خلاص مش مهم نعمل حاجة النهارده.  ردت بسرعة وبلهفة:  - لا لا مش تعبانة .. وبعدين خلاص ده فاضل حاجة واحدة ونكون خلصنا .. مش تعبانة لا, يلا.  بتكدب .. شايف الكدب في كل حاجة فيها .. في نظرات عينيها اللي مش عايزة تبص لي .. في طريقة كلامها ولهفتها الكدابة..  في الأخير, قضينا مع بعض الليلة..  دلوقتي جه ميعاد اليوم الأخير .. اليوم اللي هيحسم كل حاجة .. أخدتها على المقابر, الساعة كانت 12, الناس كلها كانت نامت, مفيش حد في الشارع, مكانش في غير صوت الكلاب, وشوية فيران بتجري هنا وهناك .. صوت عواء الهوا كان مُرعب .. وكنت سامع الغربان بتنعق في كل مكان حوالينا !..  دخلنا وسط التُرَب .. كانت ماسكة فيا بخوف, بتحاول تحس معايا بالأمان, لكن اللي متعرفوش اني كنت بتشجع بيها .. الراجل مننا بيخاف جدا لما بيكون لوحده, الراجل مننا مبيحسش بالقوة غير وقت ما يكون بيحرس عرضه, ساعتها بيحس انه قوي, وان الخوف اللي جواه ده كله يقدر يحوله لجحيم على اللي هيقرب من حد يخصه.  رحنا للتُربَة المفتوحة .. بصينا لبعض .. قلت لها بخوف:  - نمشي .. كفاية اللي عملناه .. محدش عارف لما تطلعي من هنا هيحصل ايه.  ابتسمت ابتسامة باهتة وقالت:  - حاسة ان الميعاد قرب, والواد هيطلع شبهك.  ولفت وشها ودخلت .. فلتت من ايدي اللي ماسكاها ودخلت التُربة .. وقفلت على نفسها !..  وقفت برا ابص في كل مكان .. كل حتة حواليا .. اصوات الغراب فوق مني مخيفة .. حاجة معرفهاش بتزحف في مكان ما قريب مني بس مش قادر اشوفها .. الهوا الساقع بيخبط في وشي .. لكن, عقلي كان في حتة تانية .. بيسأل نفسه سؤال "اللي بنعمله ده كُفر ؟"  ولسه مخلصتش الكلمة سمعت مرتي بتصرخ من جوا التُربة !...  قصص رعب باللهجه العامية المصرية قصص رعب مكتوبة قصص رعب حدثت بالفعل في مصر قصص رعب قصيرة  قصص رعب احمد يونس مكتوبة قصص رعب مخيفة جدا وحقيقية طويلة قصص رعب حقيقية حدثت بالفعل قصص رعب واقعية قصص رعب واقعية قصيرة قصص رعب وغموض قصص رعب مكتوبة قصيرة بالعامية قصص رعب طويلة انتقام ميت الجزء الثالث وقفت برا ابص في كل مكان .. كل حتة حواليا .. اصوات الغراب فوق مني مخيفة .. حاجة معرفهاش بتزحف في مكان ما قريب مني بس مش قادر اشوفها .. الهوا الساقع بيخبط في وشي .. لكن, عقلي كان في حتة تانية .. بيسأل نفسه سؤال "اللي بنعمله ده كُفر ؟" ولسه مخلصتش الكلمة سمعت مرتي بتصرخ من جوا التُربة !.. ********************** لقيت عم سيد سكت فجأة وابتسم .. وقال: - تعال بكرة أكمل لك الباقي. قلبي كان بينبض بسرعة, كنت متوتر جدا .. فقلت له: - ايه اللي حصل .. ممكن تحكي لي الجزئية دي ؟ رد: - بكرة بقى نكمل كلامنا .. روَّح اكتب كل حاجة قلتها لك, بس متنساش, اوعى تكتب اسمي الحقيقي او مكان سكني .. اتفقنا ؟ هزيت راسي بالإيجاب وبقوم عشان امشي.. رغم بشاعة الريحة اللي في البيت, الا ان حكاية عم سيد كانت مشوقة لدرجة اني نسيت كل حاجة وركزت معاها .. ______________ رجعت البيت, وبدأت اكتب اللي قاله, على الرغم اني عارف الناس اللي بيبدأوا كلامهم ب(ركز في كل تفصيلة عشان مهمة) دول الناس اللي بينسوا أغلب تفاصيل القصة, او بتكون حكاياتهم مُشوهة.. قعدت على المكتب وفرغت التسجيل, وكتبته كله على الوورد نسخة وعلى الورقة نسخة تانية .. الامر اخد مني حوالي خمس ساعات على فترتين.. وتاني يوم رجعت له, كنت خايف يكون مات, منا عارف حظي, لما الفرصة بتيجي لي, مبتستناش لبكرة, لازم تختفي خالص مش تتنقل لغيري, عشان معرفش الاقيها تاني. رحت على القهوة, كان لسه الصبح, رامز كان شغال بيوزع طلبات, القهوة مكانش عليها ناس كتير زي امبارح بالليل .. رحت وسألته على بيت عم سيد. فوصف لي العمارة, وبالشبه عرفت اوصل, رغم الليل واني مكنتش شايف اغلب الطُرق, لكن في الأخير وصلت.. طلعت وقفت قدام الشقة .. جت خاطرة كدة في بالي يكون مش فاكرني, عشان تكتمل دايرة النحس وتتقفل على العبد لله !.. خبطت الباب وبعد شوية لقيته فتح لي .. بص لي وضيق عينيه شوية .. قلت في سري "استر يارب" .. لقيت وشه تهلل وقال لي: - ازيك ياحودة .. ادخل تعال. دخلت وراه وانا بقول له: - خوفت تكون نسيتني. - وانا خوفت تكون طنشت ومش هتيجي تاني. - لا طنشت ايه بس, دنا ماصدقت. دخلت وقعدت على الكنبة, دخل هو المطبخ غاب لدقايق .. بصيت حواليا على البيت, الحيطان قديمة والجير واقع من عليها, لونها اصفر عليه شوية بُقع سودا.. ورغم ان الشبابيك كانت مفتوحة, الا ان الريحة مختفتش, وكانت مازالت قوية .. فعليت صوتي وانا بقول: - مش ناوي تجيب حد ينضف المقبرة دي ياعم سيد ؟ جه عليا وهو شايل كباية عصير بإيده وبيحطها قدامي وقال: - الميتين مبيحبوش يتنضف تُربتهم, أشرب .. لما حرامي بيدخل ينبش قبر حد, بيفضلوا أهل المكان طول الليل مش عارفين يناموا, طبعا .. حد قلق منامهم. فضحكت وانا بقول له: - وده مين اللي قلبه جامد يقدر يدخل هنا, دنا كنت قاعد امبارح مش عارف اخاف من حكايتك ولا شكل الشقة. اتركن على الكرسي وقال: - اللي حكيته لك امبارح ده كوم, واللي جاي النهارده أحكيه لك ده كوم تاني, يعتبر انا خلصت بس 1%. قلت له وانا بطلع التليفون من جيبي: - لا دا انت تقول بقى. جهزت التسجيل .. ولقيته بياخد نفس طويل وبيقول: - بسم الله وعلى بركة الله *********************** لما سمعت مرتي بتزعق من جوا, زقيت الباب برجلي وفتحت الباب .. مسمعتلهاش حِس لغاية ما دخلت لها جوا .. شديتها وطلعتها كأنه مفيهوش نُقطة دَم.. شيلتها على دراعاتي وطلعت اجري بيها في البلد .. مش عارف اروح لمين, مفيش مستوصف فاتح ولا حد صاحي ينجدني .. رجعت بيتي .. دخلت وحطيتها على السرير .. جريت جبت لها كباية مية وحاولت أسقيها لها .. جسمها عمال يبرد اكتر .. وكنت حاسس بنفسها بيقل.. طلعت للشارع أزعق وانادي على الناس .. الكل طلع من بيوته وجالي, دخلنا جوا وانا بشاور لهم على الاوضة "مرتي بتموت".. دخلوا ستات ورجالة عليها .. اتلموا حواليها وانا واقف برا قلبي هيتخلع من الخوف .. فات دقايق .. دقايق مكنتش قادر اسمع صوت كلام الناس من الصفافير اللي في وداني, لكني سمعت صوتهم .. صوت ستات بتصرخ .. ومحتاجتش لذكاء كتير عشان أفهم ان مرتي ... _________________ تاني يوم في الليل, بعد العزا ما انفض والكل روح بيته .. ابويا كان قاعد يتكلم معايا, مكنتش سامع هو بيقول ايه, لان دماغي كانت بتفكر في حاجة تانية.. بصيت لابويا مرة واحدة وقلت له: - سيبني لوحدي ياأبويا, انا عايز اقعد شوية مع نفسي. حط ايده على كتفي وقال: - وحِّد الله, ده قدر ومكتوب, ومحـ.. قاطعته بشبه حِدة: - متخافش مش هعمل في نفسي حاجة .. انا بس عايز اقعد لوحدي (ولما حسيت اني اتكلمت بطريقة فظة, فحاولت اصحح من لهجتي) معلش ياأبويا .. حقك عليا. ابتسم بحنان وقام وهو بيقول: - عاذرك وحاسس باللي جواك .. هسيبك شوية ترتاح, جايز في كلام مع نفسك عايز تقوله. وأخد امي وخرج وقفل الباب وراه.. قمت بسرعة دخلت الزريبة, جبت الفاس الكبير .. واستنيت بتاع دقيقتين يكون ابويا وامي رجعوا البيت .. وطلعت شايل الفاس على كتفي ورحت لبيته .. بيت عوض.. الكلاب كانت بتنبح في الشارع, ومفيش حد من الناس قاعد برا .. وصلت قدام بيته, حلفت ان اللي هبفتح لي منه او من عياله هقتله وماهسمي على مخلوق.. لكن غلطتي, اني خبطت على الباب بالفاس, وبعِزم ماعطايا .. ومقدرتش امسك نفسي, وفضلت ازعق وانادي عليه: - افتح لي ياعوض الكلب .. بتقتل مرتي يابن الكلب ياكافر .. ورحمة ميتينك ماهيطلع عليك نهار. الباب كان بدء بالفعل يتكسر من الخبط ..  ولقيت الناس طلعت من بيوتها .. اللي كان بيحاول يقرب مني كنت بشوح بالفاس في وشه كان يخاف ويرجع.. لكن الكُترة تغلب .. اتلموا عليا من كل ناحية ومسكوني وخدوا الفاس مني.. كل ده وعوض مطلعش من جوا, قاعد مستخبي زي الحريم .. او ده اللي كنت فاكره, لاني بعدها عرفت انه كان في زيارة لحد من قرايبه.. حلفت لستناه, حلفت اني ما هسكت على حقي .. بس الظاهر كدة اني مش مكتوب عليا آخد بتاري .. لان عوض مرجعش البيت خالص !.. وعدت الأيام والشهور لحد ما بقت سنة, وعوض مظهرش, لكن من جوايا منستش, وناري مبردتش.. جه ابويا في قعدة مرة معايا قال لي: - سافر, القعدة هنا مش هتغنيك ولا هتكسبك حاجة .. انا قعدت قبلك وملقتش منها رجا, سافر يابني, انت لسه بعافيتك, اعمل لك قرشين وتعال اتجوز وعيش حياتك. رديت عليه بقنوط: - وحق مرتي, اسيبه عادي كدة, عشان لما تيجي لي يوم القيامة وتقول لي فين حقي, اقول لها سيبته ورحت اتجوزت ؟! خبطت بعصايته مرتين في الارض وقال: - وانت فكرك ان القتل هيبرد نارك ويريحها في تُربتها ؟ .. مبيريحش الميت في تربته يابني غير الدُعاء له بالرحمة, ولو على حقها, فعند الله تجتمع الخصوم, واللي له حق هياخده بالقصاص .. انت طول عمرك بتسمع كلامي ومعصتليش امر, وعشان كدة عمرك ما لبست في حيطة, فاسمع كلامي المرة دي .. سافر, شوف الدنيا, اطلع من السجن ده بقى شوية. قلت له: - وفِكرك اني هنسي كدة ؟ - محدش قال لك انك هتنسى .. بس على الاقل, هتستغل شبابك في حاجة أفيد لك. قلت له بسخرية: - وايه الأفيد لي, اني اروح اتجوز, اشتغل عند الناس وأكنز فلوس ؟ .. وأسيب تاري ؟ - يبقى خليك قاعد هنا, السجن أولى بيك .. بس مش السجن اللي انت فيه دلوقتي لا .. السجن التاني, بتاع الحكومة, اللي هتقعد فيه لو كانوا رحيمين معاك 25 سنة. ! قال كلامه وقام مشي وسابني.. الحقيقة مكدبتش, الحوار لف في دماغي كتير, فكرت اني بضيع نفسي, وعشان كدة كان القرار .. في ظرف اسبوع كنت راكب القطر ورايح على مصر. _______________ بعنا الجاموستين اللي حيلتنا ونُص الأرض .. ابويا قال لي انه خلاص كبر ومبقاش قادر على الشغل فيها, فهيبيع نصها ويأجر نُصها, واهو اللي يجي منها يكفي حنكين. نزلت مصر .. مكانتش اول مرة .. نزلت كام مرة من فترة كبيرة مع صحابي لما قدمت تطوع على الجيش ومتقبلتش, فكنت عارف فيها شوية.. دورت على سمسار يشوف لي شقة ايجار .. وكان النصيب اني أسكن في شقة في حي مصر القديمة ايام عِزها.. ومرت الشهور وكنت لقيت شغل, وبقيت كمان واخد على أهل المنطقة .. كنت بطمن على ابويا بالتليفون, كان في تليفون واحد بس, وكان في بيت العُمدة, فكنت بتصل على نمرته.. ومرت السنين اكتر .. واشتريت البيت اللي مأجرة .. اتعلمت كذا صنعة, واتعرفت على ناس كتير .. بس .. مهما طالت السنين, الا اني منستش, ولا عمري في يوم راح عن بالي شكل مرتي وهي خارجة من التُربة, وانها ماتت على ايدي .. عمري ما نسيت حبي ليها, لسه بسمع صوتها لحد دلوقتي بينادي عليا, في كل ليلة, في كل حلم بحلم به بتطلع لي.. وعدت سنين اكتر, ابويا وامي ماتوا, نزلت البلد أخدت عزاهم ورجعت تاني مصر, كنت حاسس اني غريب وانا في بلدي, الناس وشوشها اتغيرت, والزمن جه عليهم .. حتى البسمة اللي كانت معتلية وشوشهم اختفت, وجار عليها الزمن.. ________________- لحد ما جه اليوم اللي شوفت فيه إعلان في الشارع, عن دكتور نسا وولادة, كان مكتوب انه بيعرف لو محصلش حمل, مين اللي فيه العيب.. بالنسبة لي كانت دي حالة عجيبة, كنت اسمع عنها بس, لكن مشوفتهاش .. حاجة جوايا بتقول لي أروح أشوف, لكن عقلي بيضحك وبيقول لي "انت وحيد, هتعرف منين اذا كنت معيوب ولا لأ, مش لازم معاك واحدة".. فسألت كذا شخص على الموضوع, وفي منهم اللي راح وعرف العيب من مين, وفي ستات ورجالة بتروح قبل الجواز عشان يعرفوا اذا كانوا بيخلفوا ولا عُقم. وعشان كدة حسمت قراري وقررت أروح.. رحت العيادة وقطعت التذكرة, قعدت مستني دوري .. المشهد فكرني باللي ميتسماش, عوض .. لما كنت قاعد انا ومرتي عنده مستنيين دورنا, بس الاختلاف المرة دي اني لوحدي.. لما جه دوري ترردت ادخل .. لكن لما التمرجي نده عليا كذا مرة, استجمعت شجاعتي ودخلت.. الدكتور طلب مني تحاليل عملتها له .. وجيت بعد يومين أخدت النتيجة.. قال لي: - للأسف ياأستاذ سيد, حضرتك مش بتخلف. وقع الكلمة عليا كان صعب .. كان صعب لدرجة اني فضلت أضحك بصوت عالي وبهيستريا شديدة.. اقرأ في : روايات رعب طويلة   قصص رعب بالصور انتقام ميت الجزء الرابع الدكتور طلب مني تحاليل عملتها له .. وجيت بعد يومين أخدت النتيجة..  قال لي:  - للأسف ياأستاذ سيد, حضرتك مش بتخلف.  وقع الكلمة عليا كان صعب .. كان صعب لدرجة اني فضلت أضحك بصوت عالي وبهيستريا شديدة..  الدكتور كان قاعد قدامي قلقان من ردة فعلي .. بعد شوية قمت وطلعت برا وانا بكمل ضحك.  رجعت البيت وانا حالف اني مش بس هنتقم من عوض, لا دنا كمان هبكيه على مرته وعياله اللي باقي له من عُمره.  عوض ضحك علينا, قال ان مراتي معيوبة والعيب فيا .. انا اللي كنت مبخلفش .. العيب فيا انا وهي اللي دفعت التمن..  ورحمة ميتينك ياعوض الكلب ياأدفعك جزاء اللي انت عملته .. وحياة أبويا وامي في تُربتهم ما هنسى غير لما أحط ايدي عليك.  ____________________  وعدت سنين اكتر .. سنين كتيرة, أكلت من عُمري وصحتي, شعري شاب ووقع, وشي كرمش وضهري انتنى..  دخلت في بداية زهايمر, كنت بنسى حاجات بسيطة في الأول, ومع الوقت زادت, الادوية كانت بتحافظ على اللي تقدر عليه..  فكرت اني اتجوز .. على الرغم ان الفكرة عمرها ما خطرت في بالي طول السنين دي, لكني دلوقتي بقولها .. اتجوز, واحدة ترعاني وتبقى جنبي لو مُت .. أبشع شيء في لدنيا ان الانسان يموت لوحده, ومحدش يعرف غير لما ريحته تفوح.  وبدأت رحلتي في البحث عن عروسة .. وهنا لقيت ان الشباب لو كانوا بيلاقوا صعوبة في انهم يلاقوا عروسة, فيجوا يشوفوني .. تلات شهور كاملين, اتقفل في وشي أبواب كتير, اتهزقت, خسرت ناس معارفي..  وفي الأخير لقيت نفسي لوحدي.. لحد ما حصل حاجة كدة..  تيسير .. بنت خالد الجوهري .. بنت جميلة وعودها فارِع .. كانت مخطوبة لابن عمها, كانوا بيحبوا بعض, وكانوا هيدخلوا بعد سنة..  ويشاء ربنا تحصل حريقة في بيتها, وميكونش في البيت غيرها, وتتحرق لوحدها .. الحرق كان درجة تالتة, حالتها كانت خطيرة والدكاترة قالوا انها مش هتعيش .. لكن خيلانها واعمامها وقفوا في قلب المستشفى يقولوا ان البت هتعيش حتى لو هنقتل الدكاترة كلهم اللي في المستشفى..  ويقدَّر رب العالمين انها بالفعل تعيش .. البنت عاشت, بس وشها وأغلب جسمها اتشوه..  رجعت البيت بعد شهور في المستشفى بتداوي الحروق .. عشان تقابل في وشها الخبر الصادم .. ابن عمها فسخ الخطوبة, وقال نَصًا "انا مش هتجوز واحدة محروقة"  البنت دخلت في حالة سكوت, مكفهوش انها نجت من الموت بمعجزة, كمان جاي يبوظ الباقي من فرحتها بدل ما يقف جنبها ويواسيها .. فعلا الحُب النقي الطاهر مش كل الناس بتمتلكه..  عدى مدة مش بسيطة, كانت بدئت تخف شوية من الصدمة النفسية اللي كانت عندها, والحروق اللي في جسمها بتخف واحدة بواحدة, لكنها لسه موجودة ووشها ما زال متشوه..  وجه اليوم اللي استجمعت شجاعتي ورحت طلبت ايديها من ابوها, ابوها اللي فكرني اني بشفق على بنته بجوازي منها, لكني وضحت له وجهة نظري, وقلت له:  - انا كبرت ياخالد, كبرت ومحتاج حد يونسني في أواخر ايامي, بنتك صغيرة ولسه بصحتها, وكل اللي مش حابين يتجوزوها ميعرفوش حاجة عن الستات, انا وانت عارفين كويس وفاهمين يعني ايه سِت, اعذرني لو كلامي مش مظبوط, بس انا شاري, وعايزها, وليك عليا مش هرجعها لك زعلانة في يوم أبدًا.  بص لي شوية بدون كلامي .. مرضتش اتكلم عشان مقاطعش تفكيره وسبته ياخد وقته .. رد بعدها وقال:  - نشوف رأيها الأول, والخيرة فيما اختاره الله.  معداش بعدها كتير, يادوب شهرين او يمكن اقل, وكنت انا وهي متجوزين .. والحقيقة مرضتش اقول لها على موضوع الخِلفة, كفاية قوي عليها صدمات لحد كدة, مش كفاية متجوزة راجع عجوز.  _________________  عشنا مع بعض كويسين, كويسين لدرجة مشكوك فيها, مجاتش في يوم اشتكت مني لأي حاجة, لأي حاجة بالمعنى الكُلي للكلمة .. مجاتش في يوم وقالت لي اني ضعيف معاها بشكل من الأشكل, مهما كنت حاسس بنفسي اني مكنتش كويس, كانت هي تضحك وتقول لي انها مبسوطة..  مخبيش عليكوا خبر, لكني كنت فرحان, الراجل مننا برضة ممكن يفقد كل حاجة عزيزة عليه وينساها على مر الوقت, الا الحاجة دي, لو فقدها, بيحس انه مات !..  كنت بسيبها تشتغل, منها بتتسلى وبتضيع وقت, ومنها برضة عشان متقوليش على موضوع الخِلفة والعيال ده .. وفي الجانب الآخر كنت انا في شغلي, وارجع منه اقعد معاها لحد ما ننام, او انزل اقعد على القهوة..  واستمرت الحياة كدة لمدة سنتين .. لم يُعكِّر صفوها اي شيء ..  افتكرت كلامي أبويا لما قال لي اني حابس نفسي في البلد, وان الدنيا واسعة ورزق الله في كل مكان, ودلوقتي ربنا بالفعل عوضني, عوضني بزوجة أصيلة, وبيت, وشغل .. هعوز ايه تاني من الدنيا ؟  وفي يوم لقيت تيسير داخلة عليا, قعدت جنبي على الكنبة وقالت لي بعد ما فضلت تبص لي بابتسامة عريضة:  - انا حامل.  بصيت لها بصدمة, لدرجة انها اخدت بالها وتبدلت البسمة لنظرة قلق .. قبل ما تضيف:  - ايه, انت مش فرحان ؟ هتبقى أب يا سي السيد.  قالتها بدلع..  رددت وراها:  - أب ؟!!  - اه, مالك؟ دنا زي ما اكون قلت لك ان ملك الموت واقف على الباب برا.  بلعت ريقي بصعوبة وقلت لها:  - انتي متأكدة ؟  ضحكت وقالت:  - هه, متأكدة ؟ .. مالك يا راجل, ايه يا سيد في ايه, هو ايه اللي متأكدة ومش متأكدة .. وهي دي حاجة تستخبى برضه, اي ست بتبقى عارفة نفسها لما تحمل.  لقيت نفسي لو فضلت كدة كتير هتشك في حاجة, فضحكت, وفرحت فرحة كبيرة, ووقفت اتنطط .. وقفت جنبي ترقص وتضحك..  - هبقى أب.  قلتها بصوت عالي وانا بضحك.  _______________  من جوايا كنت عارف ان في حاجة غلط, كلام الدكتور بيرن في وداني "للأسف حضرتك مبتخلفش"  ازاي تحمل مني ؟  انا عقيم..  معقولة تكون .. بتخوني ؟  تيسير بتخوني ؟  لا لا لا .. ايه اللي انا بقوله ده .. تخوني ده ايه, اساسا الشباب بيقرفوا يقربوا منها عشان شكلها..  بس .. بس ليه لا ؟ النفس شهوانية, وساعة الضعف مبتفرقش..  مفيش غير حل واحد, حل واحد هيقطع الشك باليقين..  رحت لدكتور تاني, وعملت عنده نفس التحاليل .. وبعد يومين استلمت النتيجة:  - للأسف حضرتك مبتخلفش.  وقتها تأكدت, عرفت اللي فيها, عرفت ان تيسير فعلا بتخوني .. بس ياترى مع مين ؟  ********************  فجأة عم سيد سكت تاني .. فقلت له:  - ها, حصل ايه, متقوليش تعال بكرة.  بص لي شوية بسكوت .. بعدها اخد نفس وقال:   - عارف .. تيسير لما أخدتها مكانتش بنت بنوت, لما جيت أدخل عليها, قالت لي انها غلطت مع ابن عمها اللي كانت مخطوبة له, وترجتني أستر عليها .. وده اللي انا عملته .. لكن في النهاية تكون دي جزاتي, الخيانة ؟ ومع مين ؟ .. مع آخر شخص ممكن أتخيله .. !!   قصص رعب طويلة حقيقية الجزء الأخير فجأة عم سيد سكت تاني .. فقلت له:  - ها, حصل ايه, متقوليش تعال بكرة.  بص لي شوية بسكوت .. بعدها اخد نفس وقال:  - عارف .. تيسير لما أخدتها مكانتش بنت بنوت, لما جيت أدخل عليها, قالت لي انها غلطت مع ابن عمها اللي كانت مخطوبة له, وترجتني أستر عليها .. وده اللي انا عملته .. لكن في النهاية تكون دي جزاتي, الخيانة ؟ ومع مين ؟ .. مع آخر شخص ممكن أتخيله .. !!  **********************  قعدت فترة مخليهاش تروح الشغل وتقعد في البيت بحِجة انها حامل ومش عايز اتعبها, ورغم اصرارها الشديد انها تخرج, الا ان كلمتي هي اللي مشيت..  وطول الفترة دي كنت بخرج طول اليوم اقعد على القهوة وأقعد لحد آخر اليوم, كنت بروح كل يوم مش اقل من الساعة واحدة باليل..  لكن تيسير .. تيسير مشتكتش, مقالتليش انا بتأخر برا ليه غير مرة واحدة بس..  لحد اليوم .. اليوم اللي رجعت البيت بدري فيه .. وفتحت الباب ودخلت عليها .. قصدي .. عليهم .. تيسير كانت جايبة اللي بتخوني معاه في بيتي, نايمة معاه على فرشتي !..  اول ماشافتني اتصدمت .. معرفتش تستر نفسها بإيه, وهو قام بسرعة وطلع يجري خرج برا الشقة..  - صدقني ياسيد انا مظلومة .. هو اللي ضحك عليا .. انا معرفش انا .. انا معرفش انا عملت كدة ازاي .. ابوس ايدك متفضحنيش .. انا.. انـ..  قاطعتها بهدوء في الكلام:  - أستر عليكي تاني ؟ مش كفاية اني شايل شيلة مش شيلتي .. بصي من غير كلام كتير وهري مالوش لازمة .. انتي طالق .. اتفضلي البسي هدومك وارجعي بيت أهلك.  ولفيت وشي ومشيت من قدامها رحت قعدت في الصالة .. بعد مدة طلعت من جوا, عمالة تعيط وكلامها متلخبط .. كانت بتحاول تستعطفني, بتترجاني اني اسكت ومفضحهاش .. وانا باصص قدامي على الفراغ..  اترمت تحت رجلي وباستها وهي بتقول:  - ابوس رجلك سامحني .. ابوس رجلك .. انا هعيش تحت رجلك العُمر كله خدامة .. بس بلاش تعمل فيا كدة ابوس عـ..  شديت رجلي من قدامها وقمت وقفت بعيد:  - اطلعي برا.  قامت من على الارض ومشيت ناحية الباب .. اتمشيت وراها .. وقفت مسحت دموعها وبصت وراها..  ********************  قلت له:  - يعني سكت تاني ياعم سيد, انت بتيجي على الحتت المهمة وتسكت ليه عايز افهم ؟  قام وهو بيقول لي:  - دقيقة هطفي على الأكل .. اشرب العصير, زمانه سِخن.  دخل المطبخ وغاب شوية .. قعدت فيهم افكر, وقفت التسجيل وقعدت آخد نَفَسي من الأحداث, الراجل ده شايل على قلبه بلاوي حرفيًا..  أخدت كام شفطة من العصير, كان سخن بالفعل .. شوية وعم سيد جه .. قعد وقال:  - لامؤخذة, الأكل كان هيتحرق, عامل النهارده شوية شوربة خضار تستاهل حنكك.  - لا انا عايز باقية القصة, خلي شوربة الخضار دي بعدين.  هز راسه وقال:  **********************   تيسير اختفت, بعد ماخرجت من عندي مرجعتش بيتها, ومحدش لقى لها أثر, وكان طبيعي اول واحد مشكوك فيه هو مين ؟ بالظبط, انا .. جت الشرطة دورت عليها في البيت كله, وملقيوش حاجة..  ودار ما بيني وبين أبوها خناقة كبيرة, لما قلت له ان بنته طلبت الطلاق عشان لقيتني مبخلفش, واكيد هربت مع حد غيري.  طبعا اتعصب عليا ومسكنا في بعض لولا الناس بعدونا عن بعض..  كل واحد راح لحاله, وفضلت تيسير مختفية فترة كبيرة, لحد ما الناس ابتدت تنسى انها كانت موجودة أصلًا..  *****************  - بس عارف ياض يامحمود طلع مين اللي كان معاها ده ؟  قلت له بتساؤل:  - ابن عمها ؟  - لا, مش ابن عمها ..  ********************  كنت عارف شكله, حافظه من ساعة ما شوفته وفاكره, الزهايمة لما جالي, خلاني نسيت الحاجات العادية بس, لكن الحاجات المهمة فضلت في دماغي, زي ما يكون بيقول لي "رسالتك في الحياة انك تركز على الحاجات دي وتخلص منها, تقتل عوض وتجيب حق مرتك, تنتقم لشرفك اللي بهدلته بنت المدينة لما خانتك مع واحد تاني"  سألت عليه لحد ما عرفت اوصل له, وفي منطقته هناك سألت على أهله, ولقيت الناس بيقولوا لي انه ابن الشيخ عوض الجَمَّال !..  ***********************  قاطعته وانا بقول له باندهاش:  - ايه, ازاي ؟!!  ابتسم وقال لي:  - الدنيا دي طلعت صغيرة قوي ياض يامحمود شوفت.  - طب وعملت ايه ؟  قال لي:  - كان سهل عليا اني أجيبه, مفيش أسهل من انك تخلي العشيقة تتصل به.  سألته:  - ازاي, هي مش مختفية ؟  ابتسم بخبث وقال:  - خليتها تتصل به وتتفق معاه يجي لها, والواد الحقيقة مستناش, واللي خلاه اتطمن أكتر, لما قالت له انها اتطلقت مني واخدت الشقة بعد انا ما مُت بحسرتي من الزعل وان الجو دلوقتي فضي لهم.. جه الواد, فتحت له الباب, وشها كان عليه آثار كدمات كتير وبوقها محطوط عليه لصق وايديها مربوطين بسلك شائك, اول ما شافها اتخض .. لدرجة انه مأخدش باله من الشخص اللي واقف وراه على السلم .. وهي كلها كام ضربة على دماغه اترمى على الأرض .. شديته ودخلت به الشقة.  سكت فجأة وقام وقف وقال:  - تعال ورايا هوري لك حاجة.  ومشي ناحية المطبخ .. قعدت مكاني لثواني خايف قبل ما اتحرك واروح وراه .. حطيت التليفون في جيبي ودخلت وراه, كنت خايف وحاسس ان اعصابي سايبة..  دخلنا المطبخ .. لقيته بيفتح باب في حتة ورا التلاجة, كان عامل زي سرداب او ممر .. وقف جنب الفتحة وقال لي:  - انزل على ركبتك وبُص.  نزلت وانا ببص له بخوف, بصيت لجوا, كان في نور خفيف جاي من الـ .. ايه ده ؟ .. دي اوضة.. !  دققت النظر, لقيت على الأرض تلات جثث, تلات جثث متعفنين والدبان ملموم عليهم..  وقفت بسرعة وانا بصيت له بخوف:  - يانهار اسود, مين دول ؟  ابتسم نفس الابتسامة الخبيثة ورد:  - تيسير وعشيقها ... وعوض.  وقبل ما اتكلم بكلمة, قال هو:  - صدق رامز لما قال لك اني فرحان النهارده, عنده حق, منا بقالي كتير مفرحتش كدة, تخيل لما ألِم كل اللي أذوني في حياتي مرة واحدة وأقتلهم, تخيل كَم الفرحة لما تجمع كل الحزن والقهر اللي في حياتك وتحرقه .. انا حقيقي فرحتي متتوصفش, لدرجة اني لما لقيتك عايز تكتب عن موضوع, قلت هخليك تكتب موضوعي, اهو من ناحية ابقى بفرحك, ومن ناحية تاني بشارك فرحتي مع حد تاني .. الحقيقة انا مكنتش هقول لك على حوار الجثث ده, وكنت هكتفي اني اكدب عليك واقول لك ان تيسير هربت مع عشيقها وعوض كبر وبقى عجوز ومات, لكني مقدرتش أخبي, مقدرتش أسكت, كنت لازم اقول كل حاجة. دلوقتي بس أقدر أقول اني مرتاح .. لكن .. في حاجة اخيرة لازم اعملها .. السر ده مقدرش أأمنك عليه, سري لازم يموت معاك .. وأظن المنوم اللي في العصير كفاية انك متحسش بحاجة لما تدبح. !  كان بيتكلم وانا دايخ مش قادر أقف على رجلي .. الدنيا كانت مهزوزة من حواليا, و..  لقيته بيقرب مني وهو ماسك في ايده سكينة !..  رجعت لورا .. كنت هقع لكني مسكت نفسي .. شوح بالسكينة فعورني في دراعي .. صرختي كانت ضعيفة مش مسموعة .. رجعت لورا وانا بحاول اسبقه .. طلع يجري عليا ومسك ايدي وكان هيضربني بالسكينة في رقبتي .. فلت بأُعجوبة .. وزقيته بآخر قوة عندي, قبل ما أجري بسرعة ناحية الشباك المفتوح وأنط منه !..  بما انه ساكن في الدور التاني, فالاصابة مكانتش قوية كفاية انها تقتلني .. الناس طلعت تجري عليا في الشارع .. وتدريجيًا الدنيا بقت ضلمة.  ************************  لما فُقت, طلبت من الممرضين يطلبوا الشرطة, ولما جم حكيت لهم على كل حاجة, وكمان سمعتهم التسجيلات ..و راحوا فعلا الشقة عنده ولقوه, مكانش منتحر ولا حاجة, كان قاعد عادي وسط التلات جثث اللي طلعت وحطهم في الصالة وقاعد قدامهم مبتسم برضا.    *تمت*  ودلوقتي وبعد القصة ما خلصت، في نظرك، هل سيد غلطان ؟  هل كان من حقه يعمل كدة ؟  اقرأ في: قصص رعب طويلة بالعامية | العراف  اقرأ في :قصص رعب بيت الدالي | رواية رعب آخر الليل  اقرأ في :قصص رعب قصيرة مكتوبة  اقرأ في : قصة رعب أحداث حقيقية | لعنة القرين
 قصص رعب طويلة حقيقية | انتقام ميت

قصة رعب بعنوان انتقام ميت

انا الصحفي محمود عطية, او عشان مبقاش ببالغ قوي, خليني اقول لك اني لسه متعين جديد في جريدة محترمة وكبيرة .. بواسطة طبعا..

وكحال خريج جديد لسه بيشق طريقه في سكة النجاح او ان حد يعرفه اصلا, لازم اجيب خبر يعمل بوم, اتكلم على حاجة جديدة مفيش كتير اتكلم عنها .. وعشان اجيب حكايات من اللي تتحب, حكايات يحبها الناس وتلمسهم وتكون من تراثهم وعاداتهم, قررت اروح للي بيقولوا عليهم المُعمرين في الأرض, ودول سهل تلاقيهم جدا, ومفيش اسهل من انك تتكلم معاهم, هما عايزين اللي يقعد يسمعهم, يسمع حكاياتهم وشكوتهم, وانا في النطقة دي متوصاش الحقيقة, انا مستمع جيد, او بأقوال أخرى (وِدَني)..

رحت دار مُسنين كبيرة, استأذنت من الادارة ودخلت قعدت مع النُزلاء, وبدأت أسمع حكاياتهم.. والحق أقول, كانت أغلبها ملهاش لازمة, اللي يتكلم عن رحلة صعوده من الصفر للقمة, واللي تقول لك (انا جوِّزت بناتي ودلوقتي ولادهم بيتعلموا برا.. إلخ)

واللي يحكي عن بطولاته مع الجيش/الشرطة لما كان عقيد..

كلها حكايات لناس مرتاحة مادية, والحقيقة الناس دي مبلاقيش فيهم أي شيء مُسلي, وساعات بسأل نفسي "هو انا لو بقيت غني, هل هبقى خزان ملل كدة ؟"

طلعت من الدار خايب الرجا, لكن مش يائس, وفكرت اني أطلع على مكان تاني, مكان أكثر شعبية, ويكون برضه مليان عواجيز .. وكان المكان قهوة في حي مصر القديمة, أساس التُراث وأصله..

وزي ما عمل عم نجيب محفوظ, لما نزل قعد على القهوة وعزم الكل على مشاريب وسمع حكاياتهم وراح عملها رواية أخدت نوبل .. دلوقتي جه ده عم محمود عطية انه ياخد ولو مكتب محترم في الجريدة..

نزلت قعدت على اول قهوة لقيتها في وشي .. هنا بقى لو فضلت اوصف عن كم الشباب والعواجيز اللي قاعدين على القهوة يتكلموا ويضحكوا, حقيقي حسسوني ان البلد كلها متجمعة هنا دلوقتي..

اختارت كرسي وقعدت عليه, طلعت التليفون بتاعي وجهزته عشان يسجل, واختارت شخص قاعد لوحده, شكله يده انه في اواخر الستينات, وسألته:

- لو سمحت يبا, ممكن اتكلم معاك شوية ؟

بترحاب شديد لف نفسه وقال لي:

- ياسلام, بس كدة .. أؤمرني, استنى بس أعدل لك نفسي ونتكلم .. ها .. تشرب ايه بس الأول .. واد يارامز, هات له شاي, شايك ايه ؟

ابتسمت وانا برد عليه:

- مظبوط ياحاج.

- واحد وصاية وصاية للأستاذ.

شاور القهوجي على عينيه وقال:

- عنيا لعم سيد واللي منه .. لكن ايه الضحكة الحلوة دي ياعم سيد, افتقدناها من سنين .. ايه, اتجوزت جديد ولا ايه ؟

رد عليه الراجل عم سيد وهو بيضحك بعفوية وجسمه كله بيتهز:

- ربك بيرزق الفرح لمن يشاء من عباده.

لقيت القهوجي رفع ايده وقال له:

- اللهم صل على النبي, ربنا يفتح عليك ياعم الشيخ سيد.

قالها ومشي يجيب طلباتنا..

بادرت بالكلام وقلت له:

- ماله بيقول لك انت حزين من سنين وبتاع, ايه خير ان شاء الله ؟

أخد نفس طويل من الشيشة اللي قدامه وقال:

- هم الدنيا وبلاويها بتخلي الواحد ماشي يجر في بوزه ما قادر يضحك .. بس ربك بيكرم وبيفرجها من عنده.

- ونعم بالله .. والله عندك حق, ياما ظروف الواحد اتحط فيها, واتقفلت من كل ناحية واتسدت في وشه كل الأبواب, وفجأة يجي ربك في يوم وليلة يفك الكرب .. الحمد لله.

مال ناحيتي وقال:

- كل الناس اللي قاعدين دول صحابي ومعارفي, انا متربي هنا, ده انت لو تعرف حكاياتهم وتقعد تسمع وتشوف اللي عاشوه, واوقات الشدة والموت وغيره, هتحمد ربنا على نعمته عليك, دول في قصصهم عبرة, دول يخلوا الملحد يؤمن, ومش بعيد يؤمن بوجود أكتر من إله.

قالها وضحك بعفوية تاني وجسمه بيتهز .. ضحكت بدوري وانا بقول له:

- طب تصدق بقى اني هسمع حكاياتهم, دنا نازل النهارده مخصوص عشان اسمع .. عارف نجيب محفوظ ؟

رد وهو بيشوح بالَّلي بتاع الشيشة:

- عمنا نجيب محفوظ, ومين ميعرفوش, ده جارنا وحبيبنا قبل ما يكون كاتب كبير .. الله يرحمه.

- الله يرحمه .. انا بقى حبيت انزل اعمل زيه, اجرب كدة واشوف حظي, اعرف حكايات الناس, مش يمكن ربك يكرم وأكسب نوبل زيه.

- نوبل حتة واحدة ؟

- وحياة عيالي لو حصل وكسبتها ليكون ليك الحلاوة, انت وكل الموجودين.

ظبط الفحم وهو بيقول:

- انت متجوز ؟

- الحقيقة لا.

ضربني بهدوء في كتفي بالَّلي وقال:

- امال ايه وحياة عيالي ومش عيالي.

ضحكت وانا بقول له:

- منا عقبال ما أكسبها هكون خلفت بقى.

جه رامز واحنا بنضحك وحط الشاي قدامنا على الترابيزة, وقال لي:

- دا انت في ايدك البركة يا صاحبي انك خليته يضحك, دا انت لو شوفته من يومين بس, كان يخليك تقوم تقطع شرايينك وتقف تتفرج عليها.

لقيت عم سيد ضحك وصوت ضحكته بقى أعلى لدرجة انه لفت نظر الناس له, وقال لرامز:

- الله يحِظك ياض يا رامز, طول عمرك ابن نكتة يابن الكلب .. الله يرحم ابوك, كان دمه خفيف برضه .. طب تعرف يا أستاذ, الا انت اسمك ايه ؟

رديت عليه:

- محمود.

- تعرف ياض محمود, ابوه ده كان صاحبي, كنت انا وهو على طول مع بعض .. (اتنهد وكمل كلامه) يلا الله يرحمه ويرحم شهداء الوطن كلهم، مات في حرب اكتوبر.

قلنا انا ورامز في نَفَس واحد:

- الله يرحمهم.

وأضاف رامز للكلام:

- لا طالما عم سيد قال لك بدء قبل اسمك وقال (ياض) يبقى انت كدة دخلت قلبه .. أسيبك بقى معاه.

ومشي وسابنا .. اتكلم عم سيد بسرعة:

- خلينا في موضوعنا .. انت بتكتب كتاب زي عم نجيب ؟

- يعني, حاجة زي كدة.

حط لَيّ الشيشة بعد ما خلص وقال:

- لا ده انت كدة جيت لمصنع الحكايات .. تحب ألم لك القهوة هنا تنقي اللي يعجبك, ولا أحكي لك حكايتي ؟

- لا لا لا, طالما عم سيد هيحكي حكايته يبقى الكل يركن .. قول يا أسطورة.

- بس على شرط.

- عيوني.

- اوعاك تقول اسمي الحقيقي.

مكنتش مستغرب من طلبه, فابتسمت وانا بهز دماغي بالإيجاب .. فقال لي:

- حلو .. قوم معايا بقى.

- على فين ؟

- هقول لك في السكة.

جالي احساس ان طالما بدئت كدة, يبقى الحكاية تستاهل .. وافقت فورا, وقمنا حاسبت له على حاجته وعلى الشاي اللي مدقتوش, الا عشان خاطر الحلفان هي شفطة .. ومشينا من على القهوة لطريق بيته..

مشينا في كام شارع واحنا عمالين نتكلم, حكى لي على كذا حاجة صغيرة, زي خناق, خطف, أفراح انتهت نهايات مأسوية .. لدرجة انه حكى لي عن شقة ساكن فيها شوية شباب مع بعض:

- كل يوم والتاني الناس تسمع صوت آهات جاية من عندهم, شكوا انهم بيجيبوا نسوان, اتصلوا بالبوليس وجه كسر عليهم الشقة, واتفاجئنا كلنا انهم شوية عيال شواذ مع بعض. تخيل ؟ .. من قِلة الستات يـ..

قاطعته بسرعة:

- هوب هوب ايه ياعم سيد, الكلام ده يحبسنا, مينفعش يتنشر خالص.

ضحك وكملنا الطريق لحد البيت, وكل ما يشوف حد يشاور لي عليه ويقول لي ده حكايته كذا..

لحد ما وصلنا العمارة عنده, وكانت كحال كل العماير في المنطقة دي, قديمة وعفى عليها الزمن .. طلعنا للدور التالت, وقفنا لحد ما فتح الباب ودخل, استنيت برا لثواني لحد ما ينبه أهل بيته, لقيته طالع لي وبيقول:

- ادخل تعال مفيش حد جوا.

البيت من جوا كان حرفيا مزبلة, وأكبر دليل على لفظ (مزبلة) هي ريحته البشعة والكراكيب اللي في كل مكان..

قاطع السكوت لما قال:

- شقة عازب بقى.

اختارت كرسي وقعدت عليه .. بادر هو بالكلام:

- طبعا شربنا على القهوة وكله تمام, ندخل بقى في الجد .. صل على النبي.

- عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام.

طلعت التليفون من جيبي وفتحت المُسجل .. بدء كلامه بتنهيدة وقال:

- شوف .. انا مكنتش حابب أتكلم .. وحلفت اني مش هفتح بوقي غير لما أعمل اللي في دماغي, ولما حصل, جه الوقت اني اشارك فرحتي مع غيري .. انا هحكي لك حكايتي, الحكاية اللي هتغطي على كل اللي قلته لك في السكة لحد هنا, الحكاية دي بيني وبين ربنا, ويعتبر انت الاول اللي هتعرفها, ركز معايا, ركز في تفاصيلها, سجل كل حرف بقوله وارجع البيت اكتبه, اكيد مش هحكي لك الحكاية كلها دلوقتي, هديك فرصة انك ترجع البيت تكتب اللي سمعته, وتيجي لي تاني يوم نكمل. بس انا طالب طلب صغير, متقولش على اسمي الحقيقي, متقولش على المنطقة اللي عايش فيها, مش عايز اي حد يعرف حاجة, او يكتشف اي وجه تشابه .. ماشي ؟

هزيت راسي بالإيجاب .. فقال:

- بسم الله وعلى بركة الله..

اسمحوا لي اكتب بشخصية عم سيد, واكون بدل من ناقل خبر, اكون راوي حدث ..

يتبع..

قصص رعب مكتوبة

انتقام ميت الجزء الثاني

هزيت راسي بالإيجاب .. فقال:

- بسم الله وعلى بركة الله..

اسمحوا لي اكتب بشخصية عم سيد, واكون بدل من ناقل خبر, اكون راوي حدث ..

لما كنت شاب صغير, اتعرفت على بنت حلوة, اول مرة شوفتها مكانش في جامعة او كافيه زي بتوع الايام دي, اول مرة شوفتها كانت في الغيط..

كنت طالع مع ابويا ساعة العصرية تغدي البهايم, كانت هي قاعدة تِحِش برسيم .. اول ما عيني ده في عينيها, حسيت بحاجة كدة, حاجة زي ما تقول نغصة في قلبي, بس نغصة حلوة .. بيسموا ده الحب من اول نظرة..

هي كمان, لما بصت لي, معرفتش تودي وشها الناحية التانية وفضلت باصة لي ..

طبعا كأي شاب من شباب الصعيد في وقتها كلمت ابويا اني عايز اخطب بنت فلاني .. فوافق على طول .. زمان في الأرياف, كانوا يحبوا يجوزوا عيالهم صغيرين, عشان اسباب كتير, منها انه ميكونش عُرضة للخطيئة, او يكون متحمل مسؤولية ميطلعش شاب طايش .. إلخ

وفعلا قد كان, في ظرف كام شهر, كنت انا وهي في بيت واحد .. وعدت السنين ولحد ما كملنا مع بعض خمس سنين .. حياتنا كانت سعيدة, المشاكل يادوبك على قد التعود على طبع بعض او اختلاف في رأي ما, لكن غير كدة كنا مبسوطين جدا مع بعض .. إلا... حاجة واحدة بس .. الخِلفة .. ربنا مأردش لينا بالخلفة..

وبعادات وتقاليد ناس زمان, مرحناش لدكتور, ليه ؟

لان ببساطة شديدة, مراتي متتكشفش على رجالة.

فاعتمدنا على الطب الشعبي .. أعشاب ووصفات كتير .. وضعيات أثناء ممارسة الجنس .. تغير جوا وتعديل مزاج .. لحد ما كان آخر الطريق حاجة واحدة ملهاش تاني .. الناس البركة ..!

رغم ابويا اللي كان رافض, وامي اللي زعلت مني, وبصات الناس ليا في الشارع, الا انا رحنا .. كان اسمه الشيخ عوض..

كنت رايح هناك وانا عارف اني بستعيذ بغير الله وده في حد ذاته شرك, لكني كنت بسكت ضميري وبقول "دي أسباب ربنا مسببها"..

الشيخ (عوض الجَمَّال) كان راجل بركة زي ما اهل البلد بيقولوا عليه, له كرامات وواصل .. بيته مبيفضاش من الناس اللي على طول طالبة من كرماته..

قعدنا وسطهم لحد ما جه الدور علينا ودخلنا .. حكينا له عن اللي فيها باختصار وآراء الناس اللي عملناها ومجابتش نتيجة .. ولما خلصنا, قال بمنتهى السهولة:

- العيب فيكي, محدش عامل لك عمل عشان متفكريش, العيب ربناني, وان شالله نعدله.

قلت في سري "حاشا لله, ربنا مبيعملش حاجة غلط او معيوبة"

وطلب مننا تلات طلبات نعملهم على تلات أيام متتالية .. الأول

تعدي من فوق مبخرة سبع مرات, او حاجة بتطلع دخان, بس يكون الفحم او الكالوح اللي النار قايدة منه, يكون مرشوش عليه من تراب مقابر !..

والطلب التاني ترمي شوية تراب على الارض وتنزل تلحسه, وهيكون من نفس التراب بتاع المقابر..

والطلب الأخير هو السلام, معاهدة السلام .. هتنزلي تنامي يوم كامل في القبر.. !

الطلب الأخير خلانا احنا الاتنين بصينا لبعض بخوف, وعلامات التردد بقت جَلية وشوشنا .. فكرت كتير اني امشي, بس في حاجة بتمعنعي, كأن في حد بيشدني في الكرسي..

أضاف على كلامه:

- بس خدي بالك, حاجة غلط تعمليها منهم, او تفوتي يوم, هتعيدي من الأول.

رمى كلمته وسكت وبص لنا بتحدي ..  فقلت له:

- وليه ده كله, وقبور ايه اللي هننزلها ؟

قاطعني:

- هتنزلها لوحدها, محدش هينزل معاها .. ولو مش عاجبك كلامي, خلاص امشي, بس اعرف ان مرتك مش هتشوف خِلفة ابدا لو معملتش اللي بقول لها عليه.

بصيت لها, كانت خايفة, وصوتها وهي بتبلع ريقها كان مسموع, وانفاسها مُتسارعة .. مسكت في دراعي وقالت:

- انا موافقة يا سيد وجاهزة أعمل ده.

همست وانا بقول:

- لا, انتي مش جاهزة ولا عايزة ده, وانا مش هغصبك على حاجة.

- متخافش عليا .. سيبها على الله.

بصيت لعوض, لقيته بيبتسم, حسيته شمتان فينا .. اتكلم وقال لي:

- بعد تنفيذ كل طلب, تعاشرها.

أخدت مراتي ومشيت روحت البيت..

لما وصلنا قلت لها بعصبية:

- وعشان ايه ده كله, العيال ؟ .. محروق ابو الخلفة على اللي عايزينها.

- انا نفسي فيها, نفسي في عيل, عيل يشيل اسمك ويخليني رافعة راسي قدام الناس, مش بدل ما كل اللي يشوفني يقعد يلقح بالكلام .. انا عايزة العيل ده يا سيد.

حاولت اتكلم, لكنها مدتنيش فرصة, قالت:

- انا مش عايزة اكون خارجة عن طوعك, كل اللي انا عايزاه هو الخلفة, ومش هقول لك عايزاها عشان اشوفك فرحان, عشان عارفاك هتقول لي "لو ده اللي هيفرحني, مش عايزه" .. انا عايزة أخلف عشان نفسي في ده .. فاهمني ياسيد ؟

ملقتش حاجة اقولها لها .. بصيت للأرض بنفاذ حيلة.

*********************

او طلب .. جبنا جزع شجرة قديم وولعنا فيه, وقبلها كنت في المقابر, جبت شوية تراب من تربة مفتوحة ورشيتهم على الخشب من غير ما يطفي..

وبدئت مراتي تخطي من فوقه .. مرة والتانية والتالتة لحد ما قفلت سبعة .. بعدها قعدنا مع بعض .. قضينا ليلة مع بعض..

وتاني يوم جه وقت الطلب التاني .. رحت المقابر لتاني مرة وجبت منها شوية تراب جُداد, وخليتها ترميهم على الأرض..

بصت للارض بقلة حيلة, نظرة المغلوب على امره .. وقعدت على ركبتها وايديها .. ونزلت تلحس التراب !..

بقيت واقف ابص لها مش عارف اعمل ايه .. سامعها بتعيط وبتكُح كل شوية, وانا واقف محلي سِر..

ياترى اللي بعمله ده صح ؟

ياترى ربنا راضي عن ده ؟

طب .. طب هل بعد ده كله, هنخلف فعلا ؟

خلصت لحس في الأرض وقامت .. حسيتها تعبانة, والحزن باين اكتر في عينيها .. فقلت لها:

- لو تعبانة خلاص مش مهم نعمل حاجة النهارده.

ردت بسرعة وبلهفة:

- لا لا مش تعبانة .. وبعدين خلاص ده فاضل حاجة واحدة ونكون خلصنا .. مش تعبانة لا, يلا.

بتكدب .. شايف الكدب في كل حاجة فيها .. في نظرات عينيها اللي مش عايزة تبص لي .. في طريقة كلامها ولهفتها الكدابة..

في الأخير, قضينا مع بعض الليلة..

دلوقتي جه ميعاد اليوم الأخير .. اليوم اللي هيحسم كل حاجة .. أخدتها على المقابر, الساعة كانت 12, الناس كلها كانت نامت, مفيش حد في الشارع, مكانش في غير صوت الكلاب, وشوية فيران بتجري هنا وهناك .. صوت عواء الهوا كان مُرعب .. وكنت سامع الغربان بتنعق في كل مكان حوالينا !..

دخلنا وسط التُرَب .. كانت ماسكة فيا بخوف, بتحاول تحس معايا بالأمان, لكن اللي متعرفوش اني كنت بتشجع بيها .. الراجل مننا بيخاف جدا لما بيكون لوحده, الراجل مننا مبيحسش بالقوة غير وقت ما يكون بيحرس عرضه, ساعتها بيحس انه قوي, وان الخوف اللي جواه ده كله يقدر يحوله لجحيم على اللي هيقرب من حد يخصه.

رحنا للتُربَة المفتوحة .. بصينا لبعض .. قلت لها بخوف:

- نمشي .. كفاية اللي عملناه .. محدش عارف لما تطلعي من هنا هيحصل ايه.

ابتسمت ابتسامة باهتة وقالت:

- حاسة ان الميعاد قرب, والواد هيطلع شبهك.

ولفت وشها ودخلت .. فلتت من ايدي اللي ماسكاها ودخلت التُربة .. وقفلت على نفسها !..

وقفت برا ابص في كل مكان .. كل حتة حواليا .. اصوات الغراب فوق مني مخيفة .. حاجة معرفهاش بتزحف في مكان ما قريب مني بس مش قادر اشوفها .. الهوا الساقع بيخبط في وشي .. لكن, عقلي كان في حتة تانية .. بيسأل نفسه سؤال "اللي بنعمله ده كُفر ؟"

ولسه مخلصتش الكلمة سمعت مرتي بتصرخ من جوا التُربة !...

قصص رعب باللهجه العامية المصرية قصص رعب مكتوبة
قصص رعب حدثت بالفعل في مصر
قصص رعب احمد يونس مكتوبة
قصص رعب مخيفة جدا وحقيقية طويلة
قصص رعب حقيقية حدثت بالفعل
قصص رعب واقعية
قصص رعب واقعية قصيرة
قصص رعب وغموض
قصص رعب مكتوبة قصيرة بالعامية

قصص رعب طويلة

انتقام ميت الجزء الثالث

وقفت برا ابص في كل مكان .. كل حتة حواليا .. اصوات الغراب فوق مني مخيفة .. حاجة معرفهاش بتزحف في مكان ما قريب مني بس مش قادر اشوفها .. الهوا الساقع بيخبط في وشي .. لكن, عقلي كان في حتة تانية .. بيسأل نفسه سؤال "اللي بنعمله ده كُفر ؟"
ولسه مخلصتش الكلمة سمعت مرتي بتصرخ من جوا التُربة !..
**********************
لقيت عم سيد سكت فجأة وابتسم .. وقال:
- تعال بكرة أكمل لك الباقي.
قلبي كان بينبض بسرعة, كنت متوتر جدا .. فقلت له:
- ايه اللي حصل .. ممكن تحكي لي الجزئية دي ؟
رد:
- بكرة بقى نكمل كلامنا .. روَّح اكتب كل حاجة قلتها لك, بس متنساش, اوعى تكتب اسمي الحقيقي او مكان سكني .. اتفقنا ؟
هزيت راسي بالإيجاب وبقوم عشان امشي..
رغم بشاعة الريحة اللي في البيت, الا ان حكاية عم سيد كانت مشوقة لدرجة اني نسيت كل حاجة وركزت معاها ..
______________
رجعت البيت, وبدأت اكتب اللي قاله, على الرغم اني عارف الناس اللي بيبدأوا كلامهم ب(ركز في كل تفصيلة عشان مهمة) دول الناس اللي بينسوا أغلب تفاصيل القصة, او بتكون حكاياتهم مُشوهة..
قعدت على المكتب وفرغت التسجيل, وكتبته كله على الوورد نسخة وعلى الورقة نسخة تانية .. الامر اخد مني حوالي خمس ساعات على فترتين..
وتاني يوم رجعت له, كنت خايف يكون مات, منا عارف حظي, لما الفرصة بتيجي لي, مبتستناش لبكرة, لازم تختفي خالص مش تتنقل لغيري, عشان معرفش الاقيها تاني.
رحت على القهوة, كان لسه الصبح, رامز كان شغال بيوزع طلبات, القهوة مكانش عليها ناس كتير زي امبارح بالليل .. رحت وسألته على بيت عم سيد. فوصف لي العمارة, وبالشبه عرفت اوصل, رغم الليل واني مكنتش شايف اغلب الطُرق, لكن في الأخير وصلت..
طلعت وقفت قدام الشقة .. جت خاطرة كدة في بالي يكون مش فاكرني, عشان تكتمل دايرة النحس وتتقفل على العبد لله !..
خبطت الباب وبعد شوية لقيته فتح لي .. بص لي وضيق عينيه شوية .. قلت في سري "استر يارب" .. لقيت وشه تهلل وقال لي:
- ازيك ياحودة .. ادخل تعال.
دخلت وراه وانا بقول له:
- خوفت تكون نسيتني.
- وانا خوفت تكون طنشت ومش هتيجي تاني.
- لا طنشت ايه بس, دنا ماصدقت.
دخلت وقعدت على الكنبة, دخل هو المطبخ غاب لدقايق .. بصيت حواليا على البيت, الحيطان قديمة والجير واقع من عليها, لونها اصفر عليه شوية بُقع سودا..
ورغم ان الشبابيك كانت مفتوحة, الا ان الريحة مختفتش, وكانت مازالت قوية .. فعليت صوتي وانا بقول:
- مش ناوي تجيب حد ينضف المقبرة دي ياعم سيد ؟
جه عليا وهو شايل كباية عصير بإيده وبيحطها قدامي وقال:
- الميتين مبيحبوش يتنضف تُربتهم, أشرب .. لما حرامي بيدخل ينبش قبر حد, بيفضلوا أهل المكان طول الليل مش عارفين يناموا, طبعا .. حد قلق منامهم.
فضحكت وانا بقول له:
- وده مين اللي قلبه جامد يقدر يدخل هنا, دنا كنت قاعد امبارح مش عارف اخاف من حكايتك ولا شكل الشقة.
اتركن على الكرسي وقال:
- اللي حكيته لك امبارح ده كوم, واللي جاي النهارده أحكيه لك ده كوم تاني, يعتبر انا خلصت بس 1%.
قلت له وانا بطلع التليفون من جيبي:
- لا دا انت تقول بقى.
جهزت التسجيل .. ولقيته بياخد نفس طويل وبيقول:
- بسم الله وعلى بركة الله
***********************
لما سمعت مرتي بتزعق من جوا, زقيت الباب برجلي وفتحت الباب .. مسمعتلهاش حِس لغاية ما دخلت لها جوا .. شديتها وطلعتها كأنه مفيهوش نُقطة دَم..
شيلتها على دراعاتي وطلعت اجري بيها في البلد .. مش عارف اروح لمين, مفيش مستوصف فاتح ولا حد صاحي ينجدني .. رجعت بيتي .. دخلت وحطيتها على السرير .. جريت جبت لها كباية مية وحاولت أسقيها لها .. جسمها عمال يبرد اكتر .. وكنت حاسس بنفسها بيقل..
طلعت للشارع أزعق وانادي على الناس .. الكل طلع من بيوته وجالي, دخلنا جوا وانا بشاور لهم على الاوضة "مرتي بتموت"..
دخلوا ستات ورجالة عليها .. اتلموا حواليها وانا واقف برا قلبي هيتخلع من الخوف ..
فات دقايق .. دقايق مكنتش قادر اسمع صوت كلام الناس من الصفافير اللي في وداني, لكني سمعت صوتهم .. صوت ستات بتصرخ .. ومحتاجتش لذكاء كتير عشان أفهم ان مرتي ...
_________________
تاني يوم في الليل, بعد العزا ما انفض والكل روح بيته .. ابويا كان قاعد يتكلم معايا, مكنتش سامع هو بيقول ايه, لان دماغي كانت بتفكر في حاجة تانية..
بصيت لابويا مرة واحدة وقلت له:
- سيبني لوحدي ياأبويا, انا عايز اقعد شوية مع نفسي.
حط ايده على كتفي وقال:
- وحِّد الله, ده قدر ومكتوب, ومحـ..
قاطعته بشبه حِدة:
- متخافش مش هعمل في نفسي حاجة .. انا بس عايز اقعد لوحدي (ولما حسيت اني اتكلمت بطريقة فظة, فحاولت اصحح من لهجتي) معلش ياأبويا .. حقك عليا.
ابتسم بحنان وقام وهو بيقول:
- عاذرك وحاسس باللي جواك .. هسيبك شوية ترتاح, جايز في كلام مع نفسك عايز تقوله.
وأخد امي وخرج وقفل الباب وراه..
قمت بسرعة دخلت الزريبة, جبت الفاس الكبير .. واستنيت بتاع دقيقتين يكون ابويا وامي رجعوا البيت .. وطلعت شايل الفاس على كتفي ورحت لبيته .. بيت عوض..
الكلاب كانت بتنبح في الشارع, ومفيش حد من الناس قاعد برا .. وصلت قدام بيته, حلفت ان اللي هبفتح لي منه او من عياله هقتله وماهسمي على مخلوق..
لكن غلطتي, اني خبطت على الباب بالفاس, وبعِزم ماعطايا .. ومقدرتش امسك نفسي, وفضلت ازعق وانادي عليه:
- افتح لي ياعوض الكلب .. بتقتل مرتي يابن الكلب ياكافر .. ورحمة ميتينك ماهيطلع عليك نهار.
الباب كان بدء بالفعل يتكسر من الخبط .. ولقيت الناس طلعت من بيوتها .. اللي كان بيحاول يقرب مني كنت بشوح بالفاس في وشه كان يخاف ويرجع..
لكن الكُترة تغلب .. اتلموا عليا من كل ناحية ومسكوني وخدوا الفاس مني..
كل ده وعوض مطلعش من جوا, قاعد مستخبي زي الحريم .. او ده اللي كنت فاكره, لاني بعدها عرفت انه كان في زيارة لحد من قرايبه..
حلفت لستناه, حلفت اني ما هسكت على حقي .. بس الظاهر كدة اني مش مكتوب عليا آخد بتاري .. لان عوض مرجعش البيت خالص !..
وعدت الأيام والشهور لحد ما بقت سنة, وعوض مظهرش, لكن من جوايا منستش, وناري مبردتش..
جه ابويا في قعدة مرة معايا قال لي:
- سافر, القعدة هنا مش هتغنيك ولا هتكسبك حاجة .. انا قعدت قبلك وملقتش منها رجا, سافر يابني, انت لسه بعافيتك, اعمل لك قرشين وتعال اتجوز وعيش حياتك.
رديت عليه بقنوط:
- وحق مرتي, اسيبه عادي كدة, عشان لما تيجي لي يوم القيامة وتقول لي فين حقي, اقول لها سيبته ورحت اتجوزت ؟!
خبطت بعصايته مرتين في الارض وقال:
- وانت فكرك ان القتل هيبرد نارك ويريحها في تُربتها ؟ .. مبيريحش الميت في تربته يابني غير الدُعاء له بالرحمة, ولو على حقها, فعند الله تجتمع الخصوم, واللي له حق هياخده بالقصاص .. انت طول عمرك بتسمع كلامي ومعصتليش امر, وعشان كدة عمرك ما لبست في حيطة, فاسمع كلامي المرة دي .. سافر, شوف الدنيا, اطلع من السجن ده بقى شوية.
قلت له:
- وفِكرك اني هنسي كدة ؟
- محدش قال لك انك هتنسى .. بس على الاقل, هتستغل شبابك في حاجة أفيد لك.
قلت له بسخرية:
- وايه الأفيد لي, اني اروح اتجوز, اشتغل عند الناس وأكنز فلوس ؟ .. وأسيب تاري ؟
- يبقى خليك قاعد هنا, السجن أولى بيك .. بس مش السجن اللي انت فيه دلوقتي لا .. السجن التاني, بتاع الحكومة, اللي هتقعد فيه لو كانوا رحيمين معاك 25 سنة. !
قال كلامه وقام مشي وسابني..
الحقيقة مكدبتش, الحوار لف في دماغي كتير, فكرت اني بضيع نفسي, وعشان كدة كان القرار .. في ظرف اسبوع كنت راكب القطر ورايح على مصر.
_______________
بعنا الجاموستين اللي حيلتنا ونُص الأرض .. ابويا قال لي انه خلاص كبر ومبقاش قادر على الشغل فيها, فهيبيع نصها ويأجر نُصها, واهو اللي يجي منها يكفي حنكين.
نزلت مصر .. مكانتش اول مرة .. نزلت كام مرة من فترة كبيرة مع صحابي لما قدمت تطوع على الجيش ومتقبلتش, فكنت عارف فيها شوية..
دورت على سمسار يشوف لي شقة ايجار .. وكان النصيب اني أسكن في شقة في حي مصر القديمة ايام عِزها..
ومرت الشهور وكنت لقيت شغل, وبقيت كمان واخد على أهل المنطقة .. كنت بطمن على ابويا بالتليفون, كان في تليفون واحد بس, وكان في بيت العُمدة, فكنت بتصل على نمرته..
ومرت السنين اكتر .. واشتريت البيت اللي مأجرة .. اتعلمت كذا صنعة, واتعرفت على ناس كتير ..
بس .. مهما طالت السنين, الا اني منستش, ولا عمري في يوم راح عن بالي شكل مرتي وهي خارجة من التُربة, وانها ماتت على ايدي .. عمري ما نسيت حبي ليها, لسه بسمع صوتها لحد دلوقتي بينادي عليا, في كل ليلة, في كل حلم بحلم به بتطلع لي..
وعدت سنين اكتر, ابويا وامي ماتوا, نزلت البلد أخدت عزاهم ورجعت تاني مصر, كنت حاسس اني غريب وانا في بلدي, الناس وشوشها اتغيرت, والزمن جه عليهم .. حتى البسمة اللي كانت معتلية وشوشهم اختفت, وجار عليها الزمن..
________________-
لحد ما جه اليوم اللي شوفت فيه إعلان في الشارع, عن دكتور نسا وولادة, كان مكتوب انه بيعرف لو محصلش حمل, مين اللي فيه العيب..
بالنسبة لي كانت دي حالة عجيبة, كنت اسمع عنها بس, لكن مشوفتهاش .. حاجة جوايا بتقول لي أروح أشوف, لكن عقلي بيضحك وبيقول لي "انت وحيد, هتعرف منين اذا كنت معيوب ولا لأ, مش لازم معاك واحدة"..
فسألت كذا شخص على الموضوع, وفي منهم اللي راح وعرف العيب من مين, وفي ستات ورجالة بتروح قبل الجواز عشان يعرفوا اذا كانوا بيخلفوا ولا عُقم.
وعشان كدة حسمت قراري وقررت أروح..
رحت العيادة وقطعت التذكرة, قعدت مستني دوري .. المشهد فكرني باللي ميتسماش, عوض .. لما كنت قاعد انا ومرتي عنده مستنيين دورنا, بس الاختلاف المرة دي اني لوحدي..
لما جه دوري ترردت ادخل .. لكن لما التمرجي نده عليا كذا مرة, استجمعت شجاعتي ودخلت..
الدكتور طلب مني تحاليل عملتها له .. وجيت بعد يومين أخدت النتيجة..
قال لي:
- للأسف ياأستاذ سيد, حضرتك مش بتخلف.
وقع الكلمة عليا كان صعب .. كان صعب لدرجة اني فضلت أضحك بصوت عالي وبهيستريا شديدة..

قصص رعب مجموعة من اقوي قصص الرعب الحقيقية والتي حدثت بالفعل يرويها اشخاص مرت بهذه التجربة بشكل مباشر بعضها قصيرة والبعض الاخر طويلة ويجمعا بينها جميعها انها واقعية. قصص رعب مكتوبة قصص رعب حقيقية قصص رعب مكتوبة قصص رعب بالصور قصص رعب للاطفال 10 قصص رعب قصص رعب طويلة قصص رعب عن الجن قصص رعب انيميشن    قصص رعب طويلة حقيقية | انتقام ميت  قصة رعب بعنوان انتقام ميت انا الصحفي محمود عطية, او عشان مبقاش ببالغ قوي, خليني اقول لك اني لسه متعين جديد في جريدة محترمة وكبيرة .. بواسطة طبعا..  وكحال خريج جديد لسه بيشق طريقه في سكة النجاح او ان حد يعرفه اصلا, لازم اجيب خبر يعمل بوم, اتكلم على حاجة جديدة مفيش كتير اتكلم عنها .. وعشان اجيب حكايات من اللي تتحب, حكايات يحبها الناس وتلمسهم وتكون من تراثهم وعاداتهم, قررت اروح للي بيقولوا عليهم المُعمرين في الأرض, ودول سهل تلاقيهم جدا, ومفيش اسهل من انك تتكلم معاهم, هما عايزين اللي يقعد يسمعهم, يسمع حكاياتهم وشكوتهم, وانا في النطقة دي متوصاش الحقيقة, انا مستمع جيد, او بأقوال أخرى (وِدَني)..  رحت دار مُسنين كبيرة, استأذنت من الادارة ودخلت قعدت مع النُزلاء, وبدأت أسمع حكاياتهم.. والحق أقول, كانت أغلبها ملهاش لازمة, اللي يتكلم عن رحلة صعوده من الصفر للقمة, واللي تقول لك (انا جوِّزت بناتي ودلوقتي ولادهم بيتعلموا برا.. إلخ)  واللي يحكي عن بطولاته مع الجيش/الشرطة لما كان عقيد..  كلها حكايات لناس مرتاحة مادية, والحقيقة الناس دي مبلاقيش فيهم أي شيء مُسلي, وساعات بسأل نفسي "هو انا لو بقيت غني, هل هبقى خزان ملل كدة ؟"  طلعت من الدار خايب الرجا, لكن مش يائس, وفكرت اني أطلع على مكان تاني, مكان أكثر شعبية, ويكون برضه مليان عواجيز .. وكان المكان قهوة في حي مصر القديمة, أساس التُراث وأصله..  وزي ما عمل عم نجيب محفوظ, لما نزل قعد على القهوة وعزم الكل على مشاريب وسمع حكاياتهم وراح عملها رواية أخدت نوبل .. دلوقتي جه ده عم محمود عطية انه ياخد ولو مكتب محترم في الجريدة..  نزلت قعدت على اول قهوة لقيتها في وشي .. هنا بقى لو فضلت اوصف عن كم الشباب والعواجيز اللي قاعدين على القهوة يتكلموا ويضحكوا, حقيقي حسسوني ان البلد كلها متجمعة هنا دلوقتي..  اختارت كرسي وقعدت عليه, طلعت التليفون بتاعي وجهزته عشان يسجل, واختارت شخص قاعد لوحده, شكله يده انه في اواخر الستينات, وسألته:  - لو سمحت يبا, ممكن اتكلم معاك شوية ؟  بترحاب شديد لف نفسه وقال لي:  - ياسلام, بس كدة .. أؤمرني, استنى بس أعدل لك نفسي ونتكلم .. ها .. تشرب ايه بس الأول .. واد يارامز, هات له شاي, شايك ايه ؟  ابتسمت وانا برد عليه:  - مظبوط ياحاج.  - واحد وصاية وصاية للأستاذ.  شاور القهوجي على عينيه وقال:  - عنيا لعم سيد واللي منه .. لكن ايه الضحكة الحلوة دي ياعم سيد, افتقدناها من سنين .. ايه, اتجوزت جديد ولا ايه ؟  رد عليه الراجل عم سيد وهو بيضحك بعفوية وجسمه كله بيتهز:  - ربك بيرزق الفرح لمن يشاء من عباده.  لقيت القهوجي رفع ايده وقال له:  - اللهم صل على النبي, ربنا يفتح عليك ياعم الشيخ سيد.  قالها ومشي يجيب طلباتنا..  بادرت بالكلام وقلت له:  - ماله بيقول لك انت حزين من سنين وبتاع, ايه خير ان شاء الله ؟  أخد نفس طويل من الشيشة اللي قدامه وقال:  - هم الدنيا وبلاويها بتخلي الواحد ماشي يجر في بوزه ما قادر يضحك .. بس ربك بيكرم وبيفرجها من عنده.  - ونعم بالله .. والله عندك حق, ياما ظروف الواحد اتحط فيها, واتقفلت من كل ناحية واتسدت في وشه كل الأبواب, وفجأة يجي ربك في يوم وليلة يفك الكرب .. الحمد لله.  مال ناحيتي وقال:  - كل الناس اللي قاعدين دول صحابي ومعارفي, انا متربي هنا, ده انت لو تعرف حكاياتهم وتقعد تسمع وتشوف اللي عاشوه, واوقات الشدة والموت وغيره, هتحمد ربنا على نعمته عليك, دول في قصصهم عبرة, دول يخلوا الملحد يؤمن, ومش بعيد يؤمن بوجود أكتر من إله.  قالها وضحك بعفوية تاني وجسمه بيتهز .. ضحكت بدوري وانا بقول له:  - طب تصدق بقى اني هسمع حكاياتهم, دنا نازل النهارده مخصوص عشان اسمع .. عارف نجيب محفوظ ؟  رد وهو بيشوح بالَّلي بتاع الشيشة:  - عمنا نجيب محفوظ, ومين ميعرفوش, ده جارنا وحبيبنا قبل ما يكون كاتب كبير .. الله يرحمه.  - الله يرحمه .. انا بقى حبيت انزل اعمل زيه, اجرب كدة واشوف حظي, اعرف حكايات الناس, مش يمكن ربك يكرم وأكسب نوبل زيه.  - نوبل حتة واحدة ؟  - وحياة عيالي لو حصل وكسبتها ليكون ليك الحلاوة, انت وكل الموجودين.  ظبط الفحم وهو بيقول:  - انت متجوز ؟  - الحقيقة لا.  ضربني بهدوء في كتفي بالَّلي وقال:  - امال ايه وحياة عيالي ومش عيالي.  ضحكت وانا بقول له:  - منا عقبال ما أكسبها هكون خلفت بقى.  جه رامز واحنا بنضحك وحط الشاي قدامنا على الترابيزة, وقال لي:  - دا انت في ايدك البركة يا صاحبي انك خليته يضحك, دا انت لو شوفته من يومين بس, كان يخليك تقوم تقطع شرايينك وتقف تتفرج عليها.  لقيت عم سيد ضحك وصوت ضحكته بقى أعلى لدرجة انه لفت نظر الناس له, وقال لرامز:  - الله يحِظك ياض يا رامز, طول عمرك ابن نكتة يابن الكلب .. الله يرحم ابوك, كان دمه خفيف برضه .. طب تعرف يا أستاذ, الا انت اسمك ايه ؟  رديت عليه:  - محمود.  - تعرف ياض محمود, ابوه ده كان صاحبي, كنت انا وهو على طول مع بعض .. (اتنهد وكمل كلامه) يلا الله يرحمه ويرحم شهداء الوطن كلهم، مات في حرب اكتوبر.  قلنا انا ورامز في نَفَس واحد:  - الله يرحمهم.  وأضاف رامز للكلام:  - لا طالما عم سيد قال لك بدء قبل اسمك وقال (ياض) يبقى انت كدة دخلت قلبه .. أسيبك بقى معاه.  ومشي وسابنا .. اتكلم عم سيد بسرعة:  - خلينا في موضوعنا .. انت بتكتب كتاب زي عم نجيب ؟  - يعني, حاجة زي كدة.  حط لَيّ الشيشة بعد ما خلص وقال:  - لا ده انت كدة جيت لمصنع الحكايات .. تحب ألم لك القهوة هنا تنقي اللي يعجبك, ولا أحكي لك حكايتي ؟  - لا لا لا, طالما عم سيد هيحكي حكايته يبقى الكل يركن .. قول يا أسطورة.  - بس على شرط.  - عيوني.  - اوعاك تقول اسمي الحقيقي.  مكنتش مستغرب من طلبه, فابتسمت وانا بهز دماغي بالإيجاب .. فقال لي:  - حلو .. قوم معايا بقى.  - على فين ؟  - هقول لك في السكة.  جالي احساس ان طالما بدئت كدة, يبقى الحكاية تستاهل .. وافقت فورا, وقمنا حاسبت له على حاجته وعلى الشاي اللي مدقتوش, الا عشان خاطر الحلفان هي شفطة .. ومشينا من على القهوة لطريق بيته..  مشينا في كام شارع واحنا عمالين نتكلم, حكى لي على كذا حاجة صغيرة, زي خناق, خطف, أفراح انتهت نهايات مأسوية .. لدرجة انه حكى لي عن شقة ساكن فيها شوية شباب مع بعض:  - كل يوم والتاني الناس تسمع صوت آهات جاية من عندهم, شكوا انهم بيجيبوا نسوان, اتصلوا بالبوليس وجه كسر عليهم الشقة, واتفاجئنا كلنا انهم شوية عيال شواذ مع بعض. تخيل ؟ .. من قِلة الستات يـ..  قاطعته بسرعة:  - هوب هوب ايه ياعم سيد, الكلام ده يحبسنا, مينفعش يتنشر خالص.  ضحك وكملنا الطريق لحد البيت, وكل ما يشوف حد يشاور لي عليه ويقول لي ده حكايته كذا..  لحد ما وصلنا العمارة عنده, وكانت كحال كل العماير في المنطقة دي, قديمة وعفى عليها الزمن .. طلعنا للدور التالت, وقفنا لحد ما فتح الباب ودخل, استنيت برا لثواني لحد ما ينبه أهل بيته, لقيته طالع لي وبيقول:  - ادخل تعال مفيش حد جوا.  البيت من جوا كان حرفيا مزبلة, وأكبر دليل على لفظ (مزبلة) هي ريحته البشعة والكراكيب اللي في كل مكان..  قاطع السكوت لما قال:  - شقة عازب بقى.  اختارت كرسي وقعدت عليه .. بادر هو بالكلام:  - طبعا شربنا على القهوة وكله تمام, ندخل بقى في الجد .. صل على النبي.  - عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام.  طلعت التليفون من جيبي وفتحت المُسجل .. بدء كلامه بتنهيدة وقال:  - شوف .. انا مكنتش حابب أتكلم .. وحلفت اني مش هفتح بوقي غير لما أعمل اللي في دماغي, ولما حصل, جه الوقت اني اشارك فرحتي مع غيري .. انا هحكي لك حكايتي, الحكاية اللي هتغطي على كل اللي قلته لك في السكة لحد هنا, الحكاية دي بيني وبين ربنا, ويعتبر انت الاول اللي هتعرفها, ركز معايا, ركز في تفاصيلها, سجل كل حرف بقوله وارجع البيت اكتبه, اكيد مش هحكي لك الحكاية كلها دلوقتي, هديك فرصة انك ترجع البيت تكتب اللي سمعته, وتيجي لي تاني يوم نكمل. بس انا طالب طلب صغير, متقولش على اسمي الحقيقي, متقولش على المنطقة اللي عايش فيها, مش عايز اي حد يعرف حاجة, او يكتشف اي وجه تشابه .. ماشي ؟  هزيت راسي بالإيجاب .. فقال:  - بسم الله وعلى بركة الله..  اسمحوا لي اكتب بشخصية عم سيد, واكون بدل من ناقل خبر, اكون راوي حدث ..   يتبع..  قصص رعب مكتوبة انتقام ميت الجزء الثاني هزيت راسي بالإيجاب .. فقال:  - بسم الله وعلى بركة الله..  اسمحوا لي اكتب بشخصية عم سيد, واكون بدل من ناقل خبر, اكون راوي حدث ..  لما كنت شاب صغير, اتعرفت على بنت حلوة, اول مرة شوفتها مكانش في جامعة او كافيه زي بتوع الايام دي, اول مرة شوفتها كانت في الغيط..  كنت طالع مع ابويا ساعة العصرية تغدي البهايم, كانت هي قاعدة تِحِش برسيم .. اول ما عيني ده في عينيها, حسيت بحاجة كدة, حاجة زي ما تقول نغصة في قلبي, بس نغصة حلوة .. بيسموا ده الحب من اول نظرة..  هي كمان, لما بصت لي, معرفتش تودي وشها الناحية التانية وفضلت باصة لي ..  طبعا كأي شاب من شباب الصعيد في وقتها كلمت ابويا اني عايز اخطب بنت فلاني .. فوافق على طول .. زمان في الأرياف, كانوا يحبوا يجوزوا عيالهم صغيرين, عشان اسباب كتير, منها انه ميكونش عُرضة للخطيئة, او يكون متحمل مسؤولية ميطلعش شاب طايش .. إلخ  وفعلا قد كان, في ظرف كام شهر, كنت انا وهي في بيت واحد .. وعدت السنين ولحد ما كملنا مع بعض خمس سنين .. حياتنا كانت سعيدة, المشاكل يادوبك على قد التعود على طبع بعض او اختلاف في رأي ما, لكن غير كدة كنا مبسوطين جدا مع بعض .. إلا... حاجة واحدة بس .. الخِلفة .. ربنا مأردش لينا بالخلفة..  وبعادات وتقاليد ناس زمان, مرحناش لدكتور, ليه ؟  لان ببساطة شديدة, مراتي متتكشفش على رجالة.  فاعتمدنا على الطب الشعبي .. أعشاب ووصفات كتير .. وضعيات أثناء ممارسة الجنس .. تغير جوا وتعديل مزاج .. لحد ما كان آخر الطريق حاجة واحدة ملهاش تاني .. الناس البركة ..!  رغم ابويا اللي كان رافض, وامي اللي زعلت مني, وبصات الناس ليا في الشارع, الا انا رحنا .. كان اسمه الشيخ عوض..  كنت رايح هناك وانا عارف اني بستعيذ بغير الله وده في حد ذاته شرك, لكني كنت بسكت ضميري وبقول "دي أسباب ربنا مسببها"..  الشيخ (عوض الجَمَّال) كان راجل بركة زي ما اهل البلد بيقولوا عليه, له كرامات وواصل .. بيته مبيفضاش من الناس اللي على طول طالبة من كرماته..  قعدنا وسطهم لحد ما جه الدور علينا ودخلنا .. حكينا له عن اللي فيها باختصار وآراء الناس اللي عملناها ومجابتش نتيجة .. ولما خلصنا, قال بمنتهى السهولة:  - العيب فيكي, محدش عامل لك عمل عشان متفكريش, العيب ربناني, وان شالله نعدله.  قلت في سري "حاشا لله, ربنا مبيعملش حاجة غلط او معيوبة"  وطلب مننا تلات طلبات نعملهم على تلات أيام متتالية .. الأول  تعدي من فوق مبخرة سبع مرات, او حاجة بتطلع دخان, بس يكون الفحم او الكالوح اللي النار قايدة منه, يكون مرشوش عليه من تراب مقابر !..  والطلب التاني ترمي شوية تراب على الارض وتنزل تلحسه, وهيكون من نفس التراب بتاع المقابر..  والطلب الأخير هو السلام, معاهدة السلام .. هتنزلي تنامي يوم كامل في القبر.. !  الطلب الأخير خلانا احنا الاتنين بصينا لبعض بخوف, وعلامات التردد بقت جَلية وشوشنا .. فكرت كتير اني امشي, بس في حاجة بتمعنعي, كأن في حد بيشدني في الكرسي..  أضاف على كلامه:  - بس خدي بالك, حاجة غلط تعمليها منهم, او تفوتي يوم, هتعيدي من الأول.  رمى كلمته وسكت وبص لنا بتحدي ..  فقلت له:  - وليه ده كله, وقبور ايه اللي هننزلها ؟  قاطعني:  - هتنزلها لوحدها, محدش هينزل معاها .. ولو مش عاجبك كلامي, خلاص امشي, بس اعرف ان مرتك مش هتشوف خِلفة ابدا لو معملتش اللي بقول لها عليه.  بصيت لها, كانت خايفة, وصوتها وهي بتبلع ريقها كان مسموع, وانفاسها مُتسارعة .. مسكت في دراعي وقالت:  - انا موافقة يا سيد وجاهزة أعمل ده.  همست وانا بقول:  - لا, انتي مش جاهزة ولا عايزة ده, وانا مش هغصبك على حاجة.  - متخافش عليا .. سيبها على الله.  بصيت لعوض, لقيته بيبتسم, حسيته شمتان فينا .. اتكلم وقال لي:  - بعد تنفيذ كل طلب, تعاشرها.  أخدت مراتي ومشيت روحت البيت..  لما وصلنا قلت لها بعصبية:  - وعشان ايه ده كله, العيال ؟ .. محروق ابو الخلفة على اللي عايزينها.  - انا نفسي فيها, نفسي في عيل, عيل يشيل اسمك ويخليني رافعة راسي قدام الناس, مش بدل ما كل اللي يشوفني يقعد يلقح بالكلام .. انا عايزة العيل ده يا سيد.  حاولت اتكلم, لكنها مدتنيش فرصة, قالت:  - انا مش عايزة اكون خارجة عن طوعك, كل اللي انا عايزاه هو الخلفة, ومش هقول لك عايزاها عشان اشوفك فرحان, عشان عارفاك هتقول لي "لو ده اللي هيفرحني, مش عايزه" .. انا عايزة أخلف عشان نفسي في ده .. فاهمني ياسيد ؟  ملقتش حاجة اقولها لها .. بصيت للأرض بنفاذ حيلة.  *********************  او طلب .. جبنا جزع شجرة قديم وولعنا فيه, وقبلها كنت في المقابر, جبت شوية تراب من تربة مفتوحة ورشيتهم على الخشب من غير ما يطفي..  وبدئت مراتي تخطي من فوقه .. مرة والتانية والتالتة لحد ما قفلت سبعة .. بعدها قعدنا مع بعض .. قضينا ليلة مع بعض..  وتاني يوم جه وقت الطلب التاني .. رحت المقابر لتاني مرة وجبت منها شوية تراب جُداد, وخليتها ترميهم على الأرض..  بصت للارض بقلة حيلة, نظرة المغلوب على امره .. وقعدت على ركبتها وايديها .. ونزلت تلحس التراب !..  بقيت واقف ابص لها مش عارف اعمل ايه .. سامعها بتعيط وبتكُح كل شوية, وانا واقف محلي سِر..  ياترى اللي بعمله ده صح ؟  ياترى ربنا راضي عن ده ؟  طب .. طب هل بعد ده كله, هنخلف فعلا ؟  خلصت لحس في الأرض وقامت .. حسيتها تعبانة, والحزن باين اكتر في عينيها .. فقلت لها:  - لو تعبانة خلاص مش مهم نعمل حاجة النهارده.  ردت بسرعة وبلهفة:  - لا لا مش تعبانة .. وبعدين خلاص ده فاضل حاجة واحدة ونكون خلصنا .. مش تعبانة لا, يلا.  بتكدب .. شايف الكدب في كل حاجة فيها .. في نظرات عينيها اللي مش عايزة تبص لي .. في طريقة كلامها ولهفتها الكدابة..  في الأخير, قضينا مع بعض الليلة..  دلوقتي جه ميعاد اليوم الأخير .. اليوم اللي هيحسم كل حاجة .. أخدتها على المقابر, الساعة كانت 12, الناس كلها كانت نامت, مفيش حد في الشارع, مكانش في غير صوت الكلاب, وشوية فيران بتجري هنا وهناك .. صوت عواء الهوا كان مُرعب .. وكنت سامع الغربان بتنعق في كل مكان حوالينا !..  دخلنا وسط التُرَب .. كانت ماسكة فيا بخوف, بتحاول تحس معايا بالأمان, لكن اللي متعرفوش اني كنت بتشجع بيها .. الراجل مننا بيخاف جدا لما بيكون لوحده, الراجل مننا مبيحسش بالقوة غير وقت ما يكون بيحرس عرضه, ساعتها بيحس انه قوي, وان الخوف اللي جواه ده كله يقدر يحوله لجحيم على اللي هيقرب من حد يخصه.  رحنا للتُربَة المفتوحة .. بصينا لبعض .. قلت لها بخوف:  - نمشي .. كفاية اللي عملناه .. محدش عارف لما تطلعي من هنا هيحصل ايه.  ابتسمت ابتسامة باهتة وقالت:  - حاسة ان الميعاد قرب, والواد هيطلع شبهك.  ولفت وشها ودخلت .. فلتت من ايدي اللي ماسكاها ودخلت التُربة .. وقفلت على نفسها !..  وقفت برا ابص في كل مكان .. كل حتة حواليا .. اصوات الغراب فوق مني مخيفة .. حاجة معرفهاش بتزحف في مكان ما قريب مني بس مش قادر اشوفها .. الهوا الساقع بيخبط في وشي .. لكن, عقلي كان في حتة تانية .. بيسأل نفسه سؤال "اللي بنعمله ده كُفر ؟"  ولسه مخلصتش الكلمة سمعت مرتي بتصرخ من جوا التُربة !...  قصص رعب باللهجه العامية المصرية قصص رعب مكتوبة قصص رعب حدثت بالفعل في مصر قصص رعب قصيرة  قصص رعب احمد يونس مكتوبة قصص رعب مخيفة جدا وحقيقية طويلة قصص رعب حقيقية حدثت بالفعل قصص رعب واقعية قصص رعب واقعية قصيرة قصص رعب وغموض قصص رعب مكتوبة قصيرة بالعامية قصص رعب طويلة انتقام ميت الجزء الثالث وقفت برا ابص في كل مكان .. كل حتة حواليا .. اصوات الغراب فوق مني مخيفة .. حاجة معرفهاش بتزحف في مكان ما قريب مني بس مش قادر اشوفها .. الهوا الساقع بيخبط في وشي .. لكن, عقلي كان في حتة تانية .. بيسأل نفسه سؤال "اللي بنعمله ده كُفر ؟" ولسه مخلصتش الكلمة سمعت مرتي بتصرخ من جوا التُربة !.. ********************** لقيت عم سيد سكت فجأة وابتسم .. وقال: - تعال بكرة أكمل لك الباقي. قلبي كان بينبض بسرعة, كنت متوتر جدا .. فقلت له: - ايه اللي حصل .. ممكن تحكي لي الجزئية دي ؟ رد: - بكرة بقى نكمل كلامنا .. روَّح اكتب كل حاجة قلتها لك, بس متنساش, اوعى تكتب اسمي الحقيقي او مكان سكني .. اتفقنا ؟ هزيت راسي بالإيجاب وبقوم عشان امشي.. رغم بشاعة الريحة اللي في البيت, الا ان حكاية عم سيد كانت مشوقة لدرجة اني نسيت كل حاجة وركزت معاها .. ______________ رجعت البيت, وبدأت اكتب اللي قاله, على الرغم اني عارف الناس اللي بيبدأوا كلامهم ب(ركز في كل تفصيلة عشان مهمة) دول الناس اللي بينسوا أغلب تفاصيل القصة, او بتكون حكاياتهم مُشوهة.. قعدت على المكتب وفرغت التسجيل, وكتبته كله على الوورد نسخة وعلى الورقة نسخة تانية .. الامر اخد مني حوالي خمس ساعات على فترتين.. وتاني يوم رجعت له, كنت خايف يكون مات, منا عارف حظي, لما الفرصة بتيجي لي, مبتستناش لبكرة, لازم تختفي خالص مش تتنقل لغيري, عشان معرفش الاقيها تاني. رحت على القهوة, كان لسه الصبح, رامز كان شغال بيوزع طلبات, القهوة مكانش عليها ناس كتير زي امبارح بالليل .. رحت وسألته على بيت عم سيد. فوصف لي العمارة, وبالشبه عرفت اوصل, رغم الليل واني مكنتش شايف اغلب الطُرق, لكن في الأخير وصلت.. طلعت وقفت قدام الشقة .. جت خاطرة كدة في بالي يكون مش فاكرني, عشان تكتمل دايرة النحس وتتقفل على العبد لله !.. خبطت الباب وبعد شوية لقيته فتح لي .. بص لي وضيق عينيه شوية .. قلت في سري "استر يارب" .. لقيت وشه تهلل وقال لي: - ازيك ياحودة .. ادخل تعال. دخلت وراه وانا بقول له: - خوفت تكون نسيتني. - وانا خوفت تكون طنشت ومش هتيجي تاني. - لا طنشت ايه بس, دنا ماصدقت. دخلت وقعدت على الكنبة, دخل هو المطبخ غاب لدقايق .. بصيت حواليا على البيت, الحيطان قديمة والجير واقع من عليها, لونها اصفر عليه شوية بُقع سودا.. ورغم ان الشبابيك كانت مفتوحة, الا ان الريحة مختفتش, وكانت مازالت قوية .. فعليت صوتي وانا بقول: - مش ناوي تجيب حد ينضف المقبرة دي ياعم سيد ؟ جه عليا وهو شايل كباية عصير بإيده وبيحطها قدامي وقال: - الميتين مبيحبوش يتنضف تُربتهم, أشرب .. لما حرامي بيدخل ينبش قبر حد, بيفضلوا أهل المكان طول الليل مش عارفين يناموا, طبعا .. حد قلق منامهم. فضحكت وانا بقول له: - وده مين اللي قلبه جامد يقدر يدخل هنا, دنا كنت قاعد امبارح مش عارف اخاف من حكايتك ولا شكل الشقة. اتركن على الكرسي وقال: - اللي حكيته لك امبارح ده كوم, واللي جاي النهارده أحكيه لك ده كوم تاني, يعتبر انا خلصت بس 1%. قلت له وانا بطلع التليفون من جيبي: - لا دا انت تقول بقى. جهزت التسجيل .. ولقيته بياخد نفس طويل وبيقول: - بسم الله وعلى بركة الله *********************** لما سمعت مرتي بتزعق من جوا, زقيت الباب برجلي وفتحت الباب .. مسمعتلهاش حِس لغاية ما دخلت لها جوا .. شديتها وطلعتها كأنه مفيهوش نُقطة دَم.. شيلتها على دراعاتي وطلعت اجري بيها في البلد .. مش عارف اروح لمين, مفيش مستوصف فاتح ولا حد صاحي ينجدني .. رجعت بيتي .. دخلت وحطيتها على السرير .. جريت جبت لها كباية مية وحاولت أسقيها لها .. جسمها عمال يبرد اكتر .. وكنت حاسس بنفسها بيقل.. طلعت للشارع أزعق وانادي على الناس .. الكل طلع من بيوته وجالي, دخلنا جوا وانا بشاور لهم على الاوضة "مرتي بتموت".. دخلوا ستات ورجالة عليها .. اتلموا حواليها وانا واقف برا قلبي هيتخلع من الخوف .. فات دقايق .. دقايق مكنتش قادر اسمع صوت كلام الناس من الصفافير اللي في وداني, لكني سمعت صوتهم .. صوت ستات بتصرخ .. ومحتاجتش لذكاء كتير عشان أفهم ان مرتي ... _________________ تاني يوم في الليل, بعد العزا ما انفض والكل روح بيته .. ابويا كان قاعد يتكلم معايا, مكنتش سامع هو بيقول ايه, لان دماغي كانت بتفكر في حاجة تانية.. بصيت لابويا مرة واحدة وقلت له: - سيبني لوحدي ياأبويا, انا عايز اقعد شوية مع نفسي. حط ايده على كتفي وقال: - وحِّد الله, ده قدر ومكتوب, ومحـ.. قاطعته بشبه حِدة: - متخافش مش هعمل في نفسي حاجة .. انا بس عايز اقعد لوحدي (ولما حسيت اني اتكلمت بطريقة فظة, فحاولت اصحح من لهجتي) معلش ياأبويا .. حقك عليا. ابتسم بحنان وقام وهو بيقول: - عاذرك وحاسس باللي جواك .. هسيبك شوية ترتاح, جايز في كلام مع نفسك عايز تقوله. وأخد امي وخرج وقفل الباب وراه.. قمت بسرعة دخلت الزريبة, جبت الفاس الكبير .. واستنيت بتاع دقيقتين يكون ابويا وامي رجعوا البيت .. وطلعت شايل الفاس على كتفي ورحت لبيته .. بيت عوض.. الكلاب كانت بتنبح في الشارع, ومفيش حد من الناس قاعد برا .. وصلت قدام بيته, حلفت ان اللي هبفتح لي منه او من عياله هقتله وماهسمي على مخلوق.. لكن غلطتي, اني خبطت على الباب بالفاس, وبعِزم ماعطايا .. ومقدرتش امسك نفسي, وفضلت ازعق وانادي عليه: - افتح لي ياعوض الكلب .. بتقتل مرتي يابن الكلب ياكافر .. ورحمة ميتينك ماهيطلع عليك نهار. الباب كان بدء بالفعل يتكسر من الخبط ..  ولقيت الناس طلعت من بيوتها .. اللي كان بيحاول يقرب مني كنت بشوح بالفاس في وشه كان يخاف ويرجع.. لكن الكُترة تغلب .. اتلموا عليا من كل ناحية ومسكوني وخدوا الفاس مني.. كل ده وعوض مطلعش من جوا, قاعد مستخبي زي الحريم .. او ده اللي كنت فاكره, لاني بعدها عرفت انه كان في زيارة لحد من قرايبه.. حلفت لستناه, حلفت اني ما هسكت على حقي .. بس الظاهر كدة اني مش مكتوب عليا آخد بتاري .. لان عوض مرجعش البيت خالص !.. وعدت الأيام والشهور لحد ما بقت سنة, وعوض مظهرش, لكن من جوايا منستش, وناري مبردتش.. جه ابويا في قعدة مرة معايا قال لي: - سافر, القعدة هنا مش هتغنيك ولا هتكسبك حاجة .. انا قعدت قبلك وملقتش منها رجا, سافر يابني, انت لسه بعافيتك, اعمل لك قرشين وتعال اتجوز وعيش حياتك. رديت عليه بقنوط: - وحق مرتي, اسيبه عادي كدة, عشان لما تيجي لي يوم القيامة وتقول لي فين حقي, اقول لها سيبته ورحت اتجوزت ؟! خبطت بعصايته مرتين في الارض وقال: - وانت فكرك ان القتل هيبرد نارك ويريحها في تُربتها ؟ .. مبيريحش الميت في تربته يابني غير الدُعاء له بالرحمة, ولو على حقها, فعند الله تجتمع الخصوم, واللي له حق هياخده بالقصاص .. انت طول عمرك بتسمع كلامي ومعصتليش امر, وعشان كدة عمرك ما لبست في حيطة, فاسمع كلامي المرة دي .. سافر, شوف الدنيا, اطلع من السجن ده بقى شوية. قلت له: - وفِكرك اني هنسي كدة ؟ - محدش قال لك انك هتنسى .. بس على الاقل, هتستغل شبابك في حاجة أفيد لك. قلت له بسخرية: - وايه الأفيد لي, اني اروح اتجوز, اشتغل عند الناس وأكنز فلوس ؟ .. وأسيب تاري ؟ - يبقى خليك قاعد هنا, السجن أولى بيك .. بس مش السجن اللي انت فيه دلوقتي لا .. السجن التاني, بتاع الحكومة, اللي هتقعد فيه لو كانوا رحيمين معاك 25 سنة. ! قال كلامه وقام مشي وسابني.. الحقيقة مكدبتش, الحوار لف في دماغي كتير, فكرت اني بضيع نفسي, وعشان كدة كان القرار .. في ظرف اسبوع كنت راكب القطر ورايح على مصر. _______________ بعنا الجاموستين اللي حيلتنا ونُص الأرض .. ابويا قال لي انه خلاص كبر ومبقاش قادر على الشغل فيها, فهيبيع نصها ويأجر نُصها, واهو اللي يجي منها يكفي حنكين. نزلت مصر .. مكانتش اول مرة .. نزلت كام مرة من فترة كبيرة مع صحابي لما قدمت تطوع على الجيش ومتقبلتش, فكنت عارف فيها شوية.. دورت على سمسار يشوف لي شقة ايجار .. وكان النصيب اني أسكن في شقة في حي مصر القديمة ايام عِزها.. ومرت الشهور وكنت لقيت شغل, وبقيت كمان واخد على أهل المنطقة .. كنت بطمن على ابويا بالتليفون, كان في تليفون واحد بس, وكان في بيت العُمدة, فكنت بتصل على نمرته.. ومرت السنين اكتر .. واشتريت البيت اللي مأجرة .. اتعلمت كذا صنعة, واتعرفت على ناس كتير .. بس .. مهما طالت السنين, الا اني منستش, ولا عمري في يوم راح عن بالي شكل مرتي وهي خارجة من التُربة, وانها ماتت على ايدي .. عمري ما نسيت حبي ليها, لسه بسمع صوتها لحد دلوقتي بينادي عليا, في كل ليلة, في كل حلم بحلم به بتطلع لي.. وعدت سنين اكتر, ابويا وامي ماتوا, نزلت البلد أخدت عزاهم ورجعت تاني مصر, كنت حاسس اني غريب وانا في بلدي, الناس وشوشها اتغيرت, والزمن جه عليهم .. حتى البسمة اللي كانت معتلية وشوشهم اختفت, وجار عليها الزمن.. ________________- لحد ما جه اليوم اللي شوفت فيه إعلان في الشارع, عن دكتور نسا وولادة, كان مكتوب انه بيعرف لو محصلش حمل, مين اللي فيه العيب.. بالنسبة لي كانت دي حالة عجيبة, كنت اسمع عنها بس, لكن مشوفتهاش .. حاجة جوايا بتقول لي أروح أشوف, لكن عقلي بيضحك وبيقول لي "انت وحيد, هتعرف منين اذا كنت معيوب ولا لأ, مش لازم معاك واحدة".. فسألت كذا شخص على الموضوع, وفي منهم اللي راح وعرف العيب من مين, وفي ستات ورجالة بتروح قبل الجواز عشان يعرفوا اذا كانوا بيخلفوا ولا عُقم. وعشان كدة حسمت قراري وقررت أروح.. رحت العيادة وقطعت التذكرة, قعدت مستني دوري .. المشهد فكرني باللي ميتسماش, عوض .. لما كنت قاعد انا ومرتي عنده مستنيين دورنا, بس الاختلاف المرة دي اني لوحدي.. لما جه دوري ترردت ادخل .. لكن لما التمرجي نده عليا كذا مرة, استجمعت شجاعتي ودخلت.. الدكتور طلب مني تحاليل عملتها له .. وجيت بعد يومين أخدت النتيجة.. قال لي: - للأسف ياأستاذ سيد, حضرتك مش بتخلف. وقع الكلمة عليا كان صعب .. كان صعب لدرجة اني فضلت أضحك بصوت عالي وبهيستريا شديدة.. اقرأ في : روايات رعب طويلة   قصص رعب بالصور انتقام ميت الجزء الرابع الدكتور طلب مني تحاليل عملتها له .. وجيت بعد يومين أخدت النتيجة..  قال لي:  - للأسف ياأستاذ سيد, حضرتك مش بتخلف.  وقع الكلمة عليا كان صعب .. كان صعب لدرجة اني فضلت أضحك بصوت عالي وبهيستريا شديدة..  الدكتور كان قاعد قدامي قلقان من ردة فعلي .. بعد شوية قمت وطلعت برا وانا بكمل ضحك.  رجعت البيت وانا حالف اني مش بس هنتقم من عوض, لا دنا كمان هبكيه على مرته وعياله اللي باقي له من عُمره.  عوض ضحك علينا, قال ان مراتي معيوبة والعيب فيا .. انا اللي كنت مبخلفش .. العيب فيا انا وهي اللي دفعت التمن..  ورحمة ميتينك ياعوض الكلب ياأدفعك جزاء اللي انت عملته .. وحياة أبويا وامي في تُربتهم ما هنسى غير لما أحط ايدي عليك.  ____________________  وعدت سنين اكتر .. سنين كتيرة, أكلت من عُمري وصحتي, شعري شاب ووقع, وشي كرمش وضهري انتنى..  دخلت في بداية زهايمر, كنت بنسى حاجات بسيطة في الأول, ومع الوقت زادت, الادوية كانت بتحافظ على اللي تقدر عليه..  فكرت اني اتجوز .. على الرغم ان الفكرة عمرها ما خطرت في بالي طول السنين دي, لكني دلوقتي بقولها .. اتجوز, واحدة ترعاني وتبقى جنبي لو مُت .. أبشع شيء في لدنيا ان الانسان يموت لوحده, ومحدش يعرف غير لما ريحته تفوح.  وبدأت رحلتي في البحث عن عروسة .. وهنا لقيت ان الشباب لو كانوا بيلاقوا صعوبة في انهم يلاقوا عروسة, فيجوا يشوفوني .. تلات شهور كاملين, اتقفل في وشي أبواب كتير, اتهزقت, خسرت ناس معارفي..  وفي الأخير لقيت نفسي لوحدي.. لحد ما حصل حاجة كدة..  تيسير .. بنت خالد الجوهري .. بنت جميلة وعودها فارِع .. كانت مخطوبة لابن عمها, كانوا بيحبوا بعض, وكانوا هيدخلوا بعد سنة..  ويشاء ربنا تحصل حريقة في بيتها, وميكونش في البيت غيرها, وتتحرق لوحدها .. الحرق كان درجة تالتة, حالتها كانت خطيرة والدكاترة قالوا انها مش هتعيش .. لكن خيلانها واعمامها وقفوا في قلب المستشفى يقولوا ان البت هتعيش حتى لو هنقتل الدكاترة كلهم اللي في المستشفى..  ويقدَّر رب العالمين انها بالفعل تعيش .. البنت عاشت, بس وشها وأغلب جسمها اتشوه..  رجعت البيت بعد شهور في المستشفى بتداوي الحروق .. عشان تقابل في وشها الخبر الصادم .. ابن عمها فسخ الخطوبة, وقال نَصًا "انا مش هتجوز واحدة محروقة"  البنت دخلت في حالة سكوت, مكفهوش انها نجت من الموت بمعجزة, كمان جاي يبوظ الباقي من فرحتها بدل ما يقف جنبها ويواسيها .. فعلا الحُب النقي الطاهر مش كل الناس بتمتلكه..  عدى مدة مش بسيطة, كانت بدئت تخف شوية من الصدمة النفسية اللي كانت عندها, والحروق اللي في جسمها بتخف واحدة بواحدة, لكنها لسه موجودة ووشها ما زال متشوه..  وجه اليوم اللي استجمعت شجاعتي ورحت طلبت ايديها من ابوها, ابوها اللي فكرني اني بشفق على بنته بجوازي منها, لكني وضحت له وجهة نظري, وقلت له:  - انا كبرت ياخالد, كبرت ومحتاج حد يونسني في أواخر ايامي, بنتك صغيرة ولسه بصحتها, وكل اللي مش حابين يتجوزوها ميعرفوش حاجة عن الستات, انا وانت عارفين كويس وفاهمين يعني ايه سِت, اعذرني لو كلامي مش مظبوط, بس انا شاري, وعايزها, وليك عليا مش هرجعها لك زعلانة في يوم أبدًا.  بص لي شوية بدون كلامي .. مرضتش اتكلم عشان مقاطعش تفكيره وسبته ياخد وقته .. رد بعدها وقال:  - نشوف رأيها الأول, والخيرة فيما اختاره الله.  معداش بعدها كتير, يادوب شهرين او يمكن اقل, وكنت انا وهي متجوزين .. والحقيقة مرضتش اقول لها على موضوع الخِلفة, كفاية قوي عليها صدمات لحد كدة, مش كفاية متجوزة راجع عجوز.  _________________  عشنا مع بعض كويسين, كويسين لدرجة مشكوك فيها, مجاتش في يوم اشتكت مني لأي حاجة, لأي حاجة بالمعنى الكُلي للكلمة .. مجاتش في يوم وقالت لي اني ضعيف معاها بشكل من الأشكل, مهما كنت حاسس بنفسي اني مكنتش كويس, كانت هي تضحك وتقول لي انها مبسوطة..  مخبيش عليكوا خبر, لكني كنت فرحان, الراجل مننا برضة ممكن يفقد كل حاجة عزيزة عليه وينساها على مر الوقت, الا الحاجة دي, لو فقدها, بيحس انه مات !..  كنت بسيبها تشتغل, منها بتتسلى وبتضيع وقت, ومنها برضة عشان متقوليش على موضوع الخِلفة والعيال ده .. وفي الجانب الآخر كنت انا في شغلي, وارجع منه اقعد معاها لحد ما ننام, او انزل اقعد على القهوة..  واستمرت الحياة كدة لمدة سنتين .. لم يُعكِّر صفوها اي شيء ..  افتكرت كلامي أبويا لما قال لي اني حابس نفسي في البلد, وان الدنيا واسعة ورزق الله في كل مكان, ودلوقتي ربنا بالفعل عوضني, عوضني بزوجة أصيلة, وبيت, وشغل .. هعوز ايه تاني من الدنيا ؟  وفي يوم لقيت تيسير داخلة عليا, قعدت جنبي على الكنبة وقالت لي بعد ما فضلت تبص لي بابتسامة عريضة:  - انا حامل.  بصيت لها بصدمة, لدرجة انها اخدت بالها وتبدلت البسمة لنظرة قلق .. قبل ما تضيف:  - ايه, انت مش فرحان ؟ هتبقى أب يا سي السيد.  قالتها بدلع..  رددت وراها:  - أب ؟!!  - اه, مالك؟ دنا زي ما اكون قلت لك ان ملك الموت واقف على الباب برا.  بلعت ريقي بصعوبة وقلت لها:  - انتي متأكدة ؟  ضحكت وقالت:  - هه, متأكدة ؟ .. مالك يا راجل, ايه يا سيد في ايه, هو ايه اللي متأكدة ومش متأكدة .. وهي دي حاجة تستخبى برضه, اي ست بتبقى عارفة نفسها لما تحمل.  لقيت نفسي لو فضلت كدة كتير هتشك في حاجة, فضحكت, وفرحت فرحة كبيرة, ووقفت اتنطط .. وقفت جنبي ترقص وتضحك..  - هبقى أب.  قلتها بصوت عالي وانا بضحك.  _______________  من جوايا كنت عارف ان في حاجة غلط, كلام الدكتور بيرن في وداني "للأسف حضرتك مبتخلفش"  ازاي تحمل مني ؟  انا عقيم..  معقولة تكون .. بتخوني ؟  تيسير بتخوني ؟  لا لا لا .. ايه اللي انا بقوله ده .. تخوني ده ايه, اساسا الشباب بيقرفوا يقربوا منها عشان شكلها..  بس .. بس ليه لا ؟ النفس شهوانية, وساعة الضعف مبتفرقش..  مفيش غير حل واحد, حل واحد هيقطع الشك باليقين..  رحت لدكتور تاني, وعملت عنده نفس التحاليل .. وبعد يومين استلمت النتيجة:  - للأسف حضرتك مبتخلفش.  وقتها تأكدت, عرفت اللي فيها, عرفت ان تيسير فعلا بتخوني .. بس ياترى مع مين ؟  ********************  فجأة عم سيد سكت تاني .. فقلت له:  - ها, حصل ايه, متقوليش تعال بكرة.  بص لي شوية بسكوت .. بعدها اخد نفس وقال:   - عارف .. تيسير لما أخدتها مكانتش بنت بنوت, لما جيت أدخل عليها, قالت لي انها غلطت مع ابن عمها اللي كانت مخطوبة له, وترجتني أستر عليها .. وده اللي انا عملته .. لكن في النهاية تكون دي جزاتي, الخيانة ؟ ومع مين ؟ .. مع آخر شخص ممكن أتخيله .. !!   قصص رعب طويلة حقيقية الجزء الأخير فجأة عم سيد سكت تاني .. فقلت له:  - ها, حصل ايه, متقوليش تعال بكرة.  بص لي شوية بسكوت .. بعدها اخد نفس وقال:  - عارف .. تيسير لما أخدتها مكانتش بنت بنوت, لما جيت أدخل عليها, قالت لي انها غلطت مع ابن عمها اللي كانت مخطوبة له, وترجتني أستر عليها .. وده اللي انا عملته .. لكن في النهاية تكون دي جزاتي, الخيانة ؟ ومع مين ؟ .. مع آخر شخص ممكن أتخيله .. !!  **********************  قعدت فترة مخليهاش تروح الشغل وتقعد في البيت بحِجة انها حامل ومش عايز اتعبها, ورغم اصرارها الشديد انها تخرج, الا ان كلمتي هي اللي مشيت..  وطول الفترة دي كنت بخرج طول اليوم اقعد على القهوة وأقعد لحد آخر اليوم, كنت بروح كل يوم مش اقل من الساعة واحدة باليل..  لكن تيسير .. تيسير مشتكتش, مقالتليش انا بتأخر برا ليه غير مرة واحدة بس..  لحد اليوم .. اليوم اللي رجعت البيت بدري فيه .. وفتحت الباب ودخلت عليها .. قصدي .. عليهم .. تيسير كانت جايبة اللي بتخوني معاه في بيتي, نايمة معاه على فرشتي !..  اول ماشافتني اتصدمت .. معرفتش تستر نفسها بإيه, وهو قام بسرعة وطلع يجري خرج برا الشقة..  - صدقني ياسيد انا مظلومة .. هو اللي ضحك عليا .. انا معرفش انا .. انا معرفش انا عملت كدة ازاي .. ابوس ايدك متفضحنيش .. انا.. انـ..  قاطعتها بهدوء في الكلام:  - أستر عليكي تاني ؟ مش كفاية اني شايل شيلة مش شيلتي .. بصي من غير كلام كتير وهري مالوش لازمة .. انتي طالق .. اتفضلي البسي هدومك وارجعي بيت أهلك.  ولفيت وشي ومشيت من قدامها رحت قعدت في الصالة .. بعد مدة طلعت من جوا, عمالة تعيط وكلامها متلخبط .. كانت بتحاول تستعطفني, بتترجاني اني اسكت ومفضحهاش .. وانا باصص قدامي على الفراغ..  اترمت تحت رجلي وباستها وهي بتقول:  - ابوس رجلك سامحني .. ابوس رجلك .. انا هعيش تحت رجلك العُمر كله خدامة .. بس بلاش تعمل فيا كدة ابوس عـ..  شديت رجلي من قدامها وقمت وقفت بعيد:  - اطلعي برا.  قامت من على الارض ومشيت ناحية الباب .. اتمشيت وراها .. وقفت مسحت دموعها وبصت وراها..  ********************  قلت له:  - يعني سكت تاني ياعم سيد, انت بتيجي على الحتت المهمة وتسكت ليه عايز افهم ؟  قام وهو بيقول لي:  - دقيقة هطفي على الأكل .. اشرب العصير, زمانه سِخن.  دخل المطبخ وغاب شوية .. قعدت فيهم افكر, وقفت التسجيل وقعدت آخد نَفَسي من الأحداث, الراجل ده شايل على قلبه بلاوي حرفيًا..  أخدت كام شفطة من العصير, كان سخن بالفعل .. شوية وعم سيد جه .. قعد وقال:  - لامؤخذة, الأكل كان هيتحرق, عامل النهارده شوية شوربة خضار تستاهل حنكك.  - لا انا عايز باقية القصة, خلي شوربة الخضار دي بعدين.  هز راسه وقال:  **********************   تيسير اختفت, بعد ماخرجت من عندي مرجعتش بيتها, ومحدش لقى لها أثر, وكان طبيعي اول واحد مشكوك فيه هو مين ؟ بالظبط, انا .. جت الشرطة دورت عليها في البيت كله, وملقيوش حاجة..  ودار ما بيني وبين أبوها خناقة كبيرة, لما قلت له ان بنته طلبت الطلاق عشان لقيتني مبخلفش, واكيد هربت مع حد غيري.  طبعا اتعصب عليا ومسكنا في بعض لولا الناس بعدونا عن بعض..  كل واحد راح لحاله, وفضلت تيسير مختفية فترة كبيرة, لحد ما الناس ابتدت تنسى انها كانت موجودة أصلًا..  *****************  - بس عارف ياض يامحمود طلع مين اللي كان معاها ده ؟  قلت له بتساؤل:  - ابن عمها ؟  - لا, مش ابن عمها ..  ********************  كنت عارف شكله, حافظه من ساعة ما شوفته وفاكره, الزهايمة لما جالي, خلاني نسيت الحاجات العادية بس, لكن الحاجات المهمة فضلت في دماغي, زي ما يكون بيقول لي "رسالتك في الحياة انك تركز على الحاجات دي وتخلص منها, تقتل عوض وتجيب حق مرتك, تنتقم لشرفك اللي بهدلته بنت المدينة لما خانتك مع واحد تاني"  سألت عليه لحد ما عرفت اوصل له, وفي منطقته هناك سألت على أهله, ولقيت الناس بيقولوا لي انه ابن الشيخ عوض الجَمَّال !..  ***********************  قاطعته وانا بقول له باندهاش:  - ايه, ازاي ؟!!  ابتسم وقال لي:  - الدنيا دي طلعت صغيرة قوي ياض يامحمود شوفت.  - طب وعملت ايه ؟  قال لي:  - كان سهل عليا اني أجيبه, مفيش أسهل من انك تخلي العشيقة تتصل به.  سألته:  - ازاي, هي مش مختفية ؟  ابتسم بخبث وقال:  - خليتها تتصل به وتتفق معاه يجي لها, والواد الحقيقة مستناش, واللي خلاه اتطمن أكتر, لما قالت له انها اتطلقت مني واخدت الشقة بعد انا ما مُت بحسرتي من الزعل وان الجو دلوقتي فضي لهم.. جه الواد, فتحت له الباب, وشها كان عليه آثار كدمات كتير وبوقها محطوط عليه لصق وايديها مربوطين بسلك شائك, اول ما شافها اتخض .. لدرجة انه مأخدش باله من الشخص اللي واقف وراه على السلم .. وهي كلها كام ضربة على دماغه اترمى على الأرض .. شديته ودخلت به الشقة.  سكت فجأة وقام وقف وقال:  - تعال ورايا هوري لك حاجة.  ومشي ناحية المطبخ .. قعدت مكاني لثواني خايف قبل ما اتحرك واروح وراه .. حطيت التليفون في جيبي ودخلت وراه, كنت خايف وحاسس ان اعصابي سايبة..  دخلنا المطبخ .. لقيته بيفتح باب في حتة ورا التلاجة, كان عامل زي سرداب او ممر .. وقف جنب الفتحة وقال لي:  - انزل على ركبتك وبُص.  نزلت وانا ببص له بخوف, بصيت لجوا, كان في نور خفيف جاي من الـ .. ايه ده ؟ .. دي اوضة.. !  دققت النظر, لقيت على الأرض تلات جثث, تلات جثث متعفنين والدبان ملموم عليهم..  وقفت بسرعة وانا بصيت له بخوف:  - يانهار اسود, مين دول ؟  ابتسم نفس الابتسامة الخبيثة ورد:  - تيسير وعشيقها ... وعوض.  وقبل ما اتكلم بكلمة, قال هو:  - صدق رامز لما قال لك اني فرحان النهارده, عنده حق, منا بقالي كتير مفرحتش كدة, تخيل لما ألِم كل اللي أذوني في حياتي مرة واحدة وأقتلهم, تخيل كَم الفرحة لما تجمع كل الحزن والقهر اللي في حياتك وتحرقه .. انا حقيقي فرحتي متتوصفش, لدرجة اني لما لقيتك عايز تكتب عن موضوع, قلت هخليك تكتب موضوعي, اهو من ناحية ابقى بفرحك, ومن ناحية تاني بشارك فرحتي مع حد تاني .. الحقيقة انا مكنتش هقول لك على حوار الجثث ده, وكنت هكتفي اني اكدب عليك واقول لك ان تيسير هربت مع عشيقها وعوض كبر وبقى عجوز ومات, لكني مقدرتش أخبي, مقدرتش أسكت, كنت لازم اقول كل حاجة. دلوقتي بس أقدر أقول اني مرتاح .. لكن .. في حاجة اخيرة لازم اعملها .. السر ده مقدرش أأمنك عليه, سري لازم يموت معاك .. وأظن المنوم اللي في العصير كفاية انك متحسش بحاجة لما تدبح. !  كان بيتكلم وانا دايخ مش قادر أقف على رجلي .. الدنيا كانت مهزوزة من حواليا, و..  لقيته بيقرب مني وهو ماسك في ايده سكينة !..  رجعت لورا .. كنت هقع لكني مسكت نفسي .. شوح بالسكينة فعورني في دراعي .. صرختي كانت ضعيفة مش مسموعة .. رجعت لورا وانا بحاول اسبقه .. طلع يجري عليا ومسك ايدي وكان هيضربني بالسكينة في رقبتي .. فلت بأُعجوبة .. وزقيته بآخر قوة عندي, قبل ما أجري بسرعة ناحية الشباك المفتوح وأنط منه !..  بما انه ساكن في الدور التاني, فالاصابة مكانتش قوية كفاية انها تقتلني .. الناس طلعت تجري عليا في الشارع .. وتدريجيًا الدنيا بقت ضلمة.  ************************  لما فُقت, طلبت من الممرضين يطلبوا الشرطة, ولما جم حكيت لهم على كل حاجة, وكمان سمعتهم التسجيلات ..و راحوا فعلا الشقة عنده ولقوه, مكانش منتحر ولا حاجة, كان قاعد عادي وسط التلات جثث اللي طلعت وحطهم في الصالة وقاعد قدامهم مبتسم برضا.    *تمت*  ودلوقتي وبعد القصة ما خلصت، في نظرك، هل سيد غلطان ؟  هل كان من حقه يعمل كدة ؟  اقرأ في: قصص رعب طويلة بالعامية | العراف  اقرأ في :قصص رعب بيت الدالي | رواية رعب آخر الليل  اقرأ في :قصص رعب قصيرة مكتوبة  اقرأ في : قصة رعب أحداث حقيقية | لعنة القرين
قصص رعب

قصص رعب بالصور

انتقام ميت الجزء الرابع

الدكتور طلب مني تحاليل عملتها له .. وجيت بعد يومين أخدت النتيجة..

قال لي:

- للأسف ياأستاذ سيد, حضرتك مش بتخلف.

وقع الكلمة عليا كان صعب .. كان صعب لدرجة اني فضلت أضحك بصوت عالي وبهيستريا شديدة..

الدكتور كان قاعد قدامي قلقان من ردة فعلي .. بعد شوية قمت وطلعت برا وانا بكمل ضحك.

رجعت البيت وانا حالف اني مش بس هنتقم من عوض, لا دنا كمان هبكيه على مرته وعياله اللي باقي له من عُمره.

عوض ضحك علينا, قال ان مراتي معيوبة والعيب فيا .. انا اللي كنت مبخلفش .. العيب فيا انا وهي اللي دفعت التمن..

ورحمة ميتينك ياعوض الكلب ياأدفعك جزاء اللي انت عملته .. وحياة أبويا وامي في تُربتهم ما هنسى غير لما أحط ايدي عليك.

____________________

وعدت سنين اكتر .. سنين كتيرة, أكلت من عُمري وصحتي, شعري شاب ووقع, وشي كرمش وضهري انتنى..

دخلت في بداية زهايمر, كنت بنسى حاجات بسيطة في الأول, ومع الوقت زادت, الادوية كانت بتحافظ على اللي تقدر عليه..

فكرت اني اتجوز .. على الرغم ان الفكرة عمرها ما خطرت في بالي طول السنين دي, لكني دلوقتي بقولها .. اتجوز, واحدة ترعاني وتبقى جنبي لو مُت .. أبشع شيء في لدنيا ان الانسان يموت لوحده, ومحدش يعرف غير لما ريحته تفوح.

وبدأت رحلتي في البحث عن عروسة .. وهنا لقيت ان الشباب لو كانوا بيلاقوا صعوبة في انهم يلاقوا عروسة, فيجوا يشوفوني .. تلات شهور كاملين, اتقفل في وشي أبواب كتير, اتهزقت, خسرت ناس معارفي..

وفي الأخير لقيت نفسي لوحدي.. لحد ما حصل حاجة كدة..

تيسير .. بنت خالد الجوهري .. بنت جميلة وعودها فارِع .. كانت مخطوبة لابن عمها, كانوا بيحبوا بعض, وكانوا هيدخلوا بعد سنة..

ويشاء ربنا تحصل حريقة في بيتها, وميكونش في البيت غيرها, وتتحرق لوحدها .. الحرق كان درجة تالتة, حالتها كانت خطيرة والدكاترة قالوا انها مش هتعيش .. لكن خيلانها واعمامها وقفوا في قلب المستشفى يقولوا ان البت هتعيش حتى لو هنقتل الدكاترة كلهم اللي في المستشفى..

ويقدَّر رب العالمين انها بالفعل تعيش .. البنت عاشت, بس وشها وأغلب جسمها اتشوه..

رجعت البيت بعد شهور في المستشفى بتداوي الحروق .. عشان تقابل في وشها الخبر الصادم .. ابن عمها فسخ الخطوبة, وقال نَصًا "انا مش هتجوز واحدة محروقة"

البنت دخلت في حالة سكوت, مكفهوش انها نجت من الموت بمعجزة, كمان جاي يبوظ الباقي من فرحتها بدل ما يقف جنبها ويواسيها .. فعلا الحُب النقي الطاهر مش كل الناس بتمتلكه..

عدى مدة مش بسيطة, كانت بدئت تخف شوية من الصدمة النفسية اللي كانت عندها, والحروق اللي في جسمها بتخف واحدة بواحدة, لكنها لسه موجودة ووشها ما زال متشوه..

وجه اليوم اللي استجمعت شجاعتي ورحت طلبت ايديها من ابوها, ابوها اللي فكرني اني بشفق على بنته بجوازي منها, لكني وضحت له وجهة نظري, وقلت له:

- انا كبرت ياخالد, كبرت ومحتاج حد يونسني في أواخر ايامي, بنتك صغيرة ولسه بصحتها, وكل اللي مش حابين يتجوزوها ميعرفوش حاجة عن الستات, انا وانت عارفين كويس وفاهمين يعني ايه سِت, اعذرني لو كلامي مش مظبوط, بس انا شاري, وعايزها, وليك عليا مش هرجعها لك زعلانة في يوم أبدًا.

بص لي شوية بدون كلامي .. مرضتش اتكلم عشان مقاطعش تفكيره وسبته ياخد وقته .. رد بعدها وقال:

- نشوف رأيها الأول, والخيرة فيما اختاره الله.

معداش بعدها كتير, يادوب شهرين او يمكن اقل, وكنت انا وهي متجوزين .. والحقيقة مرضتش اقول لها على موضوع الخِلفة, كفاية قوي عليها صدمات لحد كدة, مش كفاية متجوزة راجع عجوز.


عشنا مع بعض كويسين, كويسين لدرجة مشكوك فيها, مجاتش في يوم اشتكت مني لأي حاجة, لأي حاجة بالمعنى الكُلي للكلمة .. مجاتش في يوم وقالت لي اني ضعيف معاها بشكل من الأشكل, مهما كنت حاسس بنفسي اني مكنتش كويس, كانت هي تضحك وتقول لي انها مبسوطة..

مخبيش عليكوا خبر, لكني كنت فرحان, الراجل مننا برضة ممكن يفقد كل حاجة عزيزة عليه وينساها على مر الوقت, الا الحاجة دي, لو فقدها, بيحس انه مات !..

كنت بسيبها تشتغل, منها بتتسلى وبتضيع وقت, ومنها برضة عشان متقوليش على موضوع الخِلفة والعيال ده .. وفي الجانب الآخر كنت انا في شغلي, وارجع منه اقعد معاها لحد ما ننام, او انزل اقعد على القهوة..

واستمرت الحياة كدة لمدة سنتين .. لم يُعكِّر صفوها اي شيء ..

افتكرت كلامي أبويا لما قال لي اني حابس نفسي في البلد, وان الدنيا واسعة ورزق الله في كل مكان, ودلوقتي ربنا بالفعل عوضني, عوضني بزوجة أصيلة, وبيت, وشغل .. هعوز ايه تاني من الدنيا ؟

وفي يوم لقيت تيسير داخلة عليا, قعدت جنبي على الكنبة وقالت لي بعد ما فضلت تبص لي بابتسامة عريضة:

- انا حامل.

بصيت لها بصدمة, لدرجة انها اخدت بالها وتبدلت البسمة لنظرة قلق .. قبل ما تضيف:

- ايه, انت مش فرحان ؟ هتبقى أب يا سي السيد.

قالتها بدلع..

رددت وراها:

- أب ؟!!

- اه, مالك؟ دنا زي ما اكون قلت لك ان ملك الموت واقف على الباب برا.

بلعت ريقي بصعوبة وقلت لها:

- انتي متأكدة ؟

ضحكت وقالت:

- هه, متأكدة ؟ .. مالك يا راجل, ايه يا سيد في ايه, هو ايه اللي متأكدة ومش متأكدة .. وهي دي حاجة تستخبى برضه, اي ست بتبقى عارفة نفسها لما تحمل.

لقيت نفسي لو فضلت كدة كتير هتشك في حاجة, فضحكت, وفرحت فرحة كبيرة, ووقفت اتنطط .. وقفت جنبي ترقص وتضحك..

- هبقى أب.

قلتها بصوت عالي وانا بضحك.

_______________

من جوايا كنت عارف ان في حاجة غلط, كلام الدكتور بيرن في وداني "للأسف حضرتك مبتخلفش"

ازاي تحمل مني ؟

انا عقيم..

معقولة تكون .. بتخوني ؟

تيسير بتخوني ؟

لا لا لا .. ايه اللي انا بقوله ده .. تخوني ده ايه, اساسا الشباب بيقرفوا يقربوا منها عشان شكلها..

بس .. بس ليه لا ؟ النفس شهوانية, وساعة الضعف مبتفرقش..

مفيش غير حل واحد, حل واحد هيقطع الشك باليقين..

رحت لدكتور تاني, وعملت عنده نفس التحاليل .. وبعد يومين استلمت النتيجة:

- للأسف حضرتك مبتخلفش.

وقتها تأكدت, عرفت اللي فيها, عرفت ان تيسير فعلا بتخوني .. بس ياترى مع مين ؟

********************

فجأة عم سيد سكت تاني .. فقلت له:

- ها, حصل ايه, متقوليش تعال بكرة.

بص لي شوية بسكوت .. بعدها اخد نفس وقال:

- عارف .. تيسير لما أخدتها مكانتش بنت بنوت, لما جيت أدخل عليها, قالت لي انها غلطت مع ابن عمها اللي كانت مخطوبة له, وترجتني أستر عليها .. وده اللي انا عملته .. لكن في النهاية تكون دي جزاتي, الخيانة ؟ ومع مين ؟ .. مع آخر شخص ممكن أتخيله .. !!

 قصص رعب طويلة حقيقية

الجزء الأخير

فجأة عم سيد سكت تاني .. فقلت له:

- ها, حصل ايه, متقوليش تعال بكرة.

بص لي شوية بسكوت .. بعدها اخد نفس وقال:

- عارف .. تيسير لما أخدتها مكانتش بنت بنوت, لما جيت أدخل عليها, قالت لي انها غلطت مع ابن عمها اللي كانت مخطوبة له, وترجتني أستر عليها .. وده اللي انا عملته .. لكن في النهاية تكون دي جزاتي, الخيانة ؟ ومع مين ؟ .. مع آخر شخص ممكن أتخيله .. !!

**********************

قعدت فترة مخليهاش تروح الشغل وتقعد في البيت بحِجة انها حامل ومش عايز اتعبها, ورغم اصرارها الشديد انها تخرج, الا ان كلمتي هي اللي مشيت..

وطول الفترة دي كنت بخرج طول اليوم اقعد على القهوة وأقعد لحد آخر اليوم, كنت بروح كل يوم مش اقل من الساعة واحدة باليل..

لكن تيسير .. تيسير مشتكتش, مقالتليش انا بتأخر برا ليه غير مرة واحدة بس..

لحد اليوم .. اليوم اللي رجعت البيت بدري فيه .. وفتحت الباب ودخلت عليها .. قصدي .. عليهم .. تيسير كانت جايبة اللي بتخوني معاه في بيتي, نايمة معاه على فرشتي !..

اول ماشافتني اتصدمت .. معرفتش تستر نفسها بإيه, وهو قام بسرعة وطلع يجري خرج برا الشقة..

- صدقني ياسيد انا مظلومة .. هو اللي ضحك عليا .. انا معرفش انا .. انا معرفش انا عملت كدة ازاي .. ابوس ايدك متفضحنيش .. انا.. انـ..

قاطعتها بهدوء في الكلام:

- أستر عليكي تاني ؟ مش كفاية اني شايل شيلة مش شيلتي .. بصي من غير كلام كتير وهري مالوش لازمة .. انتي طالق .. اتفضلي البسي هدومك وارجعي بيت أهلك.

ولفيت وشي ومشيت من قدامها رحت قعدت في الصالة .. بعد مدة طلعت من جوا, عمالة تعيط وكلامها متلخبط .. كانت بتحاول تستعطفني, بتترجاني اني اسكت ومفضحهاش .. وانا باصص قدامي على الفراغ..

اترمت تحت رجلي وباستها وهي بتقول:

- ابوس رجلك سامحني .. ابوس رجلك .. انا هعيش تحت رجلك العُمر كله خدامة .. بس بلاش تعمل فيا كدة ابوس عـ..

شديت رجلي من قدامها وقمت وقفت بعيد:

- اطلعي برا.

قامت من على الارض ومشيت ناحية الباب .. اتمشيت وراها .. وقفت مسحت دموعها وبصت وراها..

********************

قلت له:

- يعني سكت تاني ياعم سيد, انت بتيجي على الحتت المهمة وتسكت ليه عايز افهم ؟

قام وهو بيقول لي:

- دقيقة هطفي على الأكل .. اشرب العصير, زمانه سِخن.

دخل المطبخ وغاب شوية .. قعدت فيهم افكر, وقفت التسجيل وقعدت آخد نَفَسي من الأحداث, الراجل ده شايل على قلبه بلاوي حرفيًا..

أخدت كام شفطة من العصير, كان سخن بالفعل .. شوية وعم سيد جه .. قعد وقال:

- لامؤخذة, الأكل كان هيتحرق, عامل النهارده شوية شوربة خضار تستاهل حنكك.

- لا انا عايز باقية القصة, خلي شوربة الخضار دي بعدين.

هز راسه وقال:

**********************

 تيسير اختفت, بعد ماخرجت من عندي مرجعتش بيتها, ومحدش لقى لها أثر, وكان طبيعي اول واحد مشكوك فيه هو مين ؟ بالظبط, انا .. جت الشرطة دورت عليها في البيت كله, وملقيوش حاجة..

ودار ما بيني وبين أبوها خناقة كبيرة, لما قلت له ان بنته طلبت الطلاق عشان لقيتني مبخلفش, واكيد هربت مع حد غيري.

طبعا اتعصب عليا ومسكنا في بعض لولا الناس بعدونا عن بعض..

كل واحد راح لحاله, وفضلت تيسير مختفية فترة كبيرة, لحد ما الناس ابتدت تنسى انها كانت موجودة أصلًا..

*****************

- بس عارف ياض يامحمود طلع مين اللي كان معاها ده ؟

قلت له بتساؤل:

- ابن عمها ؟

- لا, مش ابن عمها ..

********************

كنت عارف شكله, حافظه من ساعة ما شوفته وفاكره, الزهايمة لما جالي, خلاني نسيت الحاجات العادية بس, لكن الحاجات المهمة فضلت في دماغي, زي ما يكون بيقول لي "رسالتك في الحياة انك تركز على الحاجات دي وتخلص منها, تقتل عوض وتجيب حق مرتك, تنتقم لشرفك اللي بهدلته بنت المدينة لما خانتك مع واحد تاني"

سألت عليه لحد ما عرفت اوصل له, وفي منطقته هناك سألت على أهله, ولقيت الناس بيقولوا لي انه ابن الشيخ عوض الجَمَّال !..

***********************

قاطعته وانا بقول له باندهاش:

- ايه, ازاي ؟!!

ابتسم وقال لي:

- الدنيا دي طلعت صغيرة قوي ياض يامحمود شوفت.

- طب وعملت ايه ؟

قال لي:

- كان سهل عليا اني أجيبه, مفيش أسهل من انك تخلي العشيقة تتصل به.

سألته:

- ازاي, هي مش مختفية ؟

ابتسم بخبث وقال:

- خليتها تتصل به وتتفق معاه يجي لها, والواد الحقيقة مستناش, واللي خلاه اتطمن أكتر, لما قالت له انها اتطلقت مني واخدت الشقة بعد انا ما مُت بحسرتي من الزعل وان الجو دلوقتي فضي لهم.. جه الواد, فتحت له الباب, وشها كان عليه آثار كدمات كتير وبوقها محطوط عليه لصق وايديها مربوطين بسلك شائك, اول ما شافها اتخض .. لدرجة انه مأخدش باله من الشخص اللي واقف وراه على السلم .. وهي كلها كام ضربة على دماغه اترمى على الأرض .. شديته ودخلت به الشقة.

سكت فجأة وقام وقف وقال:

- تعال ورايا هوري لك حاجة.

ومشي ناحية المطبخ .. قعدت مكاني لثواني خايف قبل ما اتحرك واروح وراه .. حطيت التليفون في جيبي ودخلت وراه, كنت خايف وحاسس ان اعصابي سايبة..

دخلنا المطبخ .. لقيته بيفتح باب في حتة ورا التلاجة, كان عامل زي سرداب او ممر .. وقف جنب الفتحة وقال لي:

- انزل على ركبتك وبُص.

نزلت وانا ببص له بخوف, بصيت لجوا, كان في نور خفيف جاي من الـ .. ايه ده ؟ .. دي اوضة.. !

دققت النظر, لقيت على الأرض تلات جثث, تلات جثث متعفنين والدبان ملموم عليهم..

وقفت بسرعة وانا بصيت له بخوف:

- يانهار اسود, مين دول ؟

ابتسم نفس الابتسامة الخبيثة ورد:

- تيسير وعشيقها ... وعوض.

وقبل ما اتكلم بكلمة, قال هو:

- صدق رامز لما قال لك اني فرحان النهارده, عنده حق, منا بقالي كتير مفرحتش كدة, تخيل لما ألِم كل اللي أذوني في حياتي مرة واحدة وأقتلهم, تخيل كَم الفرحة لما تجمع كل الحزن والقهر اللي في حياتك وتحرقه .. انا حقيقي فرحتي متتوصفش, لدرجة اني لما لقيتك عايز تكتب عن موضوع, قلت هخليك تكتب موضوعي, اهو من ناحية ابقى بفرحك, ومن ناحية تاني بشارك فرحتي مع حد تاني .. الحقيقة انا مكنتش هقول لك على حوار الجثث ده, وكنت هكتفي اني اكدب عليك واقول لك ان تيسير هربت مع عشيقها وعوض كبر وبقى عجوز ومات, لكني مقدرتش أخبي, مقدرتش أسكت, كنت لازم اقول كل حاجة. دلوقتي بس أقدر أقول اني مرتاح .. لكن .. في حاجة اخيرة لازم اعملها .. السر ده مقدرش أأمنك عليه, سري لازم يموت معاك .. وأظن المنوم اللي في العصير كفاية انك متحسش بحاجة لما تدبح. !

كان بيتكلم وانا دايخ مش قادر أقف على رجلي .. الدنيا كانت مهزوزة من حواليا, و..

لقيته بيقرب مني وهو ماسك في ايده سكينة !..

رجعت لورا .. كنت هقع لكني مسكت نفسي .. شوح بالسكينة فعورني في دراعي .. صرختي كانت ضعيفة مش مسموعة .. رجعت لورا وانا بحاول اسبقه .. طلع يجري عليا ومسك ايدي وكان هيضربني بالسكينة في رقبتي .. فلت بأُعجوبة .. وزقيته بآخر قوة عندي, قبل ما أجري بسرعة ناحية الشباك المفتوح وأنط منه !..

بما انه ساكن في الدور التاني, فالاصابة مكانتش قوية كفاية انها تقتلني .. الناس طلعت تجري عليا في الشارع .. وتدريجيًا الدنيا بقت ضلمة.

************************

لما فُقت, طلبت من الممرضين يطلبوا الشرطة, ولما جم حكيت لهم على كل حاجة, وكمان سمعتهم التسجيلات ..و راحوا فعلا الشقة عنده ولقوه, مكانش منتحر ولا حاجة, كان قاعد عادي وسط التلات جثث اللي طلعت وحطهم في الصالة وقاعد قدامهم مبتسم برضا.


*تمت*

ودلوقتي وبعد القصة ما خلصت، في نظرك، هل سيد غلطان ؟

هل كان من حقه يعمل كدة ؟

author-img
Muhamed Amin

تعليقات

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق
    google-playkhamsatmostaqltradent