قصة قابيل وهابيل كما وردت في القرآن الكريم
ابني آدم قابيل وهابيل
آدم أبو البشر -عليه السلام - خلقه الله سبحانه وتعالى ، وخلق له زوجته وأنيسته في الدنيا حواء ، وجعلهما في جنةٍ من نعيمٍ ورغد عيش ، يُتاح لهما فيها من كل شيء ، إلا شجرة واحدة نهاهما الله عنها ، فوسوس لهما الشيطان إبليس اللعين بأن فيها الخُلد والمُلك ، فأكلا منها فبدت لهما سوآتهما ، فأخرجهما الله تبارك وتعالى من الجنة ، لتبدأ رحلة الشقاء في الدنيا لبني آدم ، وتبدأ الحرب التي توعد بها إبليس اللعين على بني البشر ، قال تعالى :"قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ " .
فتكاثر آدم وحواء في الأرض ، وتناسل من ذريتهم الكثير ، فكان لآدم -عليه السلام - قابيل وهابيل ، وكانت سُنة آدم في ذريته وتكاثر ذريته أن تلد زوجته في كل بطنٍ ذكراً وأنثى ، فيتزوج الذكر الأنثى في البطن الآخر ، وتتزوج الأنثى في بطن ذكراً من بطنٍ آخر ، وبذلك لا يتزوج الأخ أخته من نفس البطن .
الخلاف بين قابيل وهابيل
وظلت الأمور هكذا بين ذرية آدم ، حتى جاء يوم من الأيام فختلف أحد أبناء آدم في فتاة مع أخيه ، من ؟ إنه قابيل ، الذي غمر قلبه الحسد والحقد على رزق أخيه ، وأراد أن يتزوج فتاة ليست من حقه ، إنها من حق أخيه هابيل ، فجاء إليه وقال أريد أن أتزوج من أختي التي من نفس بطني ، فقال هابيل هذا تشريع الله وهكذا أمرنا أبونا آدم ، فاختلف الأخوان إلى آدم -عليه السلام- واختصما إليه ، فقال لهما آدم فليُقرب كلاكما قرباناً إلى الله عز وجل ، ومن تقبل الله قربانه فليتزوج هذه الفتاة ، وهذه كانت عادة أبناء آدم في تقديم الصدقات ، حيث أنه لم هناك فقراء يتصدقون عليهم وإنما كانوا يُضعون الصدقات على جبلٍ ، فتأتي ناراً من السماء فتأكل هذا القُربان وبذلك يتقبل الله من عباده الصالحين .
وكان هابيل يعمل في رعي الأغنام ، وقابيل يعمل الزرع والقلع ، فقَدَّم كلٌ منهما قربانه على ذلك الجبل ، فقدم هابيل أسمن غنمه ، وقدم قابيل حزمة من الزرع من رديء زرعه ، فنزلت نارٌ من السماء فأكلت قربان هابيل ، قال تعالى في سورة المائدة :" وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ " ، فلما تقبل الله قربان هابيل اشتعل قابيل غيظاً وبدون تردد دفعه الحقد إلى درجة أعلى من مخالفة شرع الله فقال لأقتلنك ، فقال له هابيل وكان أشد منه قوة وأكثر بسطة في الجسم :"لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ * إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ " .
قتل قابيل لأخيه هابيل
وبعد أن توَعَّد قابيل قتل أخيه ، ولم يرد عليه هابيل إلا بالحُسنى وقال له إن أقدمت على قتلي فلن أقدم أنا على قتلك ، ومرت الأيام وقابيل يرقُب هابيل ،وفي يوم من الأيام تأخر هابيل عن موعد رجوعهِ من رعيه للغنم ، فإذا بآدم -عليه السلام - يطلب من قابيل أن يخرج فيرى ما الذي أخر أخيه ، فاستغل قابيل هذه الفرصة وخرج يبحث عن هابيل ، فوجده نائم على جبل جوار غنمه ،فاقترب منه وضربه بحديدة كانت معه فقتله ،
وقيل: إنه إنما قتله بصخرة، رماها على رأسه، وهو نائم، فشدخته ،
وقيل: بل خنقه خنقًا شديدًا وعضًا، كما تفعل السباع فمات. والله أعلم.
وعن عبد الله بن عمر قال: وأيم الله إن المقتول كان لأشد الرجلين، ولكن منعه التحرج أن يبسط إليه يده. وبذلك اسْتَن قابيل سُنة القتل في بني آدم ، فكان أول من قتل وأول من يسفك دماً على وجه الأرض ، فيأخذ بذلك الذنب نصيب من كل جريمة قتل حدثت على الأرض من بعده حتى قيام الساعة .
قصة قابيل وهابيل مع الغراب
بعد أن تأكد قابيل من أن أخاه قد فارق الحياة ، نظر في لحظة صحوة فوجد نفسه وحيداً أمام جثة هابيل ، قال تعالى "فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ "
فجلس لا يدري ماذا يفعل بها ، ولا يدري بماذا يلقى أبيه ، فأرسل الله إليه غُراباً يبحث ويحفر بمنقاره في الأرض ليدفن جثة غرابً آخر ، وذكر أهل التواريخ والسير أنه لما قتله حمله على ظهره سنة. وقال آخرون: حمله مائة سنة، ولم يزل كذلك حتى بعث الله غرابين ، فكان الغُراب أول مُعلم للإنسان في الأرض ، قال تعالى "فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ قَالَ يَاوَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْأَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ" .
المكان الذي قتل فيه قابيل أخاه هابيل
ذكر أهل السير والتاريخ غير واحد ، كما ذكر ابن كثير في كتابه البداية والنهاية ،أن قابيل قتل هابيل في جبل يُسمى قاسيون شمالي دمشق ، في هذا الجبل مغارة يقال لها مغارة الدم، مشهورة بأنها المكان الذي قتل قابيل أخاه هابيل عندها، وذلك مما تلقوه عن أهل الكتاب.
والله أعلم بصحة ذلك.
المصادر /
كتاب البداية والنهاية لابن كثير (الجزء الأول -قصة قابيل وهابيل )
قصة قابيل وهابيل للشعراوي