من الصحابي الذي كان سيدنا جبريل أمين وحي السماء -عليه السلام - يأتي على صورته وشكله إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ؟ وكيف لملك من الملائكة أن يتجسد في صورة بشر ؟ وأين يكون ذلك الصحابي عند نزول الوحي ؟ كل هذه التساؤلات يتحدث بها الناس وهنا فصل الخطاب .
الصورة الحقيقية لسيدنا جبريل
سيدنا جبريل -عليه السلام - أمين وحي السماء ، الملاك المُوكل بالنزول على أنبياء الله ورُسله ، وتبليغهم برسالات رب العالمين ، من خيار الملائكة وأقربهم منزلة إلى رب العزة جل وعلا ، كان الأمين جبريل -عليه السلام - ينزل بالوحي على الحبيب محمد -صلى الله عليه وسلم - على أكثر من صورة وهيئة ، فتارة كان يأتيه على هيئة أعرابي من الأعراب لا يعرفه أحد كما جاء من حديث عُمر بن الخطاب -رضي الله عنه - قال :بينما نحن عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم - ذات يوم ، إذا طلع علينا رجل شديد بياض الثياب ، شديد سواد الشعر ، لايُرى عليه أثر السفر ، ولا يعرفه منا أحد ، حتى جلس إلى النبي -صلى الله عليه وسلم - فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ، ووضع كفيه على فخذيه ، وقال يا محمد أخبرني عن الإسلام .....إلى آخر الحديث ، فلما انتهى من الحديث نظر رسول الله -صلى الله عليه وسلم - إليَّ وقال : ياعمر أتدري من السائل ؟ ، قلت: الله ورسوله أعلم ، قال: هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم . رواه مسلم .
وتارة أخرى يأتي جبريل -عليه السلام- إلى النبي -صلى الله عليه وسلم - على هيئته الحقيقية التي خُلق عليها وله ستمائة جناح مابين كل جناحين كما بين المشرق والمغرب ، وقد رآه النبي على هذه الصورة مرتين فقط ، مرة مُنهبطاً من السماء إلى الأرض ،ساداً عِظَمُ خَلْقه ما بين المساء إلى الأرض ، مرة أخرى عند سدرة المنتهى في رحلة الإسراء والمعراج ، كما جاء في القرآن الكريم في سورة التكوير قال تعالى :"وَلَقَد رَآه بالأُفقِ المُبين " وفي قوله تعالى في سورة النجم : "وَلَقَد رَآه نَزْلَةً أُخْرَى عِنْدَ سِدرة المُنْتَهَى " ،
وقد ورد في صحيح مسلم من حديث أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها - قالت : سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم - عن هاتين الآيتين فقال : (إنما هو جبريل ، لم أره على صورته التي خُلق عليها غير هاتين المرتين) .
ومن الصور التي كان يتجسد بها سيدنا جبريل -عليه السلام - هي صورة الصحابي الجليل دحية بن خليفة الكلبي -رضي الله عنه - الذي كان يضرب به المثل في حُسن الهيئة وحلاوة اللسان ومعرفته بأمور الناس واللغات .
كيف كان جبريل يتجسد في صورة دحية الكلبي
ما جاء في السنة النبوية من مجيء جبريل -عليه السلام - في صورة دحية الكلبي -رضي الله عنه - كما جاء في حديث أسامة بن زيد -رضي الله عنه - أن جبريل -عليه السلام- أتى النبي -صلى الله عليه وسلم - وهو عند أم سلمة ، فجعل يُحدث ثم قام ، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم - لأم سلمة : من هذا ؟ ، قالت : هذا دحية ، قال فقالت أم سلمة : ايم الله ماحسبته إلا إياه ، حتى سمعت خطبة نبي الله -صلى الله عليه وسلم - يُخبر عن جبريل " وعن ابن عمر ، عن النبي -صلى الله عليه وسلم -قال : " وكان جبريل عليه السلام يأتي النبي صلى الله عليه وسلم في صورة دحية " ،
هذا ما ورد في الأحاديث عن تجسد جبريل -عليه السلام- في صورة الصحابي دحية الكلبي ، ولكن ! هل معنى ذلك أن سيدنا جبريل عليه السلام كان يتلبس جسد دحية الكلبي ؟ أو أنه صار دحية الكلبي بالفعل ؟ بالطبع لا ، وإنما كان يظهر في صورة أشبه ماتكون إلى الصحابي دحية بن خليفة الكلبي ، ويتراءى للناس على هيئة رجل يشبه صورة دحية ، فهذا مجرد تشابه في الصورة ليس فيه إشكال ولا يعني ذلك من قريب أو من بعيد أن جبريل -عليه السلام- صار دحية الكلبي بشخصه ، ولا أن جبريل عليه السلام- تحول إلى شخص بشري يأكل ويشرب ويتزوج وغير ذلك ، وإنما هو مجرد تشابه كما وصف النبي -صلى الله عليه وسلم - هذا التشابه بين المسيح الدجال و ابن قَطَن .
هذا والله أعلى وأعلم